اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 75
[3]- أوضاع الفرس الدينية:
كانت المجوسية وهي ديانة الفرس مركبة من عناصر مذاهبهم المتعددة، التي بدأت قبل الميلاد بكثير، واستمرت في تطورها وتشكلها حتى جاء الإسلام، وهي ديانة في الجملة تهتم ببيان أصل المخلوقات وعدد الآلهة، فمنذ القدم والملوك يقدسون إلهين من بين الآلهة الكثيرة، التي يعبدها عامة الشعب، على أساس أن أحدهما أصل الخير، والثاني أصل الشر[1]. وبعد تطور المجوسية على يد زرادشت نراه يرجع جميع الآلهة الموجودة إلى إلهين اثنين، إله الخير ويسمى "أهورامزدا"، وإله الشر ويسمى "أهريمان"، وهما متضادان، فلقد ورد في كتبهم المقدسة أن "مزدا" قال لـ"أهريمان" ما معناه: "ليس علمنا، ولا شرائعنا، ولا مداركنا، ولا كلماتنا، ولا أفعالنا، ولا حياتنا، أنا وأنت متفقه في شيء، ولذا فنحن أضداد"[2].
والفرس يعتبرون أن أقوال زرادشت وتعاليمه قد أودعت في كتاب "زند أفيستا"، الذي تم جمعه في القرن السادس الميلادي[3]، وفي هذا الكتاب سمو خاص، ومواعظ طيبة، مما جعل الفرس يرفعون زرادشت بعد وفاته إلى مرتبة عالية، فزعموا أن وجوده في الدنيا مر بمراحل خيالية خاصة، وأنه بعث رسولا إلى الخلق، ونبيا لكشتاسب الملك وغيره، هذا مع إثباته للأصلين المتضادين النور والظلمة[4]، ويظهر من كلام الشهرستاني أن نبوة "زرادشت" صحيحة لأنه يقول: إن زرادشت يدعو إلى أن الباري هو الخالق للظلام والنور ومبدعهما، وهو واحد لا شريك له، ولا ضد، ولا ند له، ويدعي كذلك أن كتابا نزل عليه وهو "زندوفيستا" ومن [1] الفلسفة الشرقية ص184. [2] وحدة الدين والفلسفة والعلم ص105. [3] الفلسفة الشرقية ص187. [4] الملل والنحل ج1 ص217.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 75