اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 590
ورجال الأديان الأخرى، فعملوا به وأخذوا يعدون لباطلهم دعاة فيهم الذكاء والنشاط والإخلاص وغير ذلك من الصفات التي تنتشر بها الأفكار والعقائد.
وإعداد الدعاة إلى الإسلام يجب أن يندرج في هذا الخط الطبيعي؛ حيث يختارون في سن مبكرة، وتختبر مستوياتهم الذهنية وقدراتهم الشخصية؛ ليسهل إعدادهم، ويكونوا بعد تخرجهم على مستوى واجب الدعوة، وأهمية العمل لها.
ثانيا: صفات الترابط والمودة
تأليف القلوب عملية أساسية في الدعوة إلى الله تعالى؛ ولذلك وجب على الداعية أن يهتم بهذا الجانب الحيوي في نشاطه؛ ليرتبط مع الناس في مودة وإخلاص.
ويعتمد هذا التأليف على ملامح شخصية الداعية؛ ولذا نوصي بضرورة تميزه بالصفات التالية:
1- الحِلْم:
والحلم صفة هامة للداعية تجمع القلوب، وتذيب الإحن، وتعطي له قدرا كبيرا من الصلابة في مواجهة أشد المواقف وأحلكها، وهو أول ما يمتحن به الخلق الحسن؛ لأنه يقرب الغريب، ويذهب العداوة.
وهل يستوي الحلم والتهور؟ أبدا لا يستويان؛ لأن الحلم سيد الأخلاق، والحقيقة أنه: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [1].
والحلم ليس دليل ضعف أبدا، بل هو الدليل على القوة، والمالك لنفسه عند الغضب هو القوي في الحقيقة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" [2].
والإسلام رغم أنه يعطي للنفس حقها في مقابلة السوء بمثله؛ حيث قال تعالى: [1] سورة فصلت الآية 34. [2] موطأ مالك ج4 ص95 - ما جاء في الغضب.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 590