اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 474
ثانيا: مواجهة الرسول قومه بالدعوة
بعد أن أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة، وأن ينذر عشيرته القريبة منه، على أن يبدأ بالأقرب إليه، أخذ صلى الله عليه وسلم يعد للأمر عدته، ورأى أن أفضل وسيلة لذلك هي المواجهة المباشرة سواء بصورة فردية أو جماعية أو عامة
يروي ابن الأثير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: "يا علي، إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، فضقت ذرعا، وعلمت أني متى أبادرهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره" [1]. [1] الكامل ج[2] ص61.
إن سنة النصر لا تتخلف متى استوفت الشروط والإعداد، وأهمها الاستقامة على منهج الله بطاعة أمره، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [1]، وقال جل ذكره: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ، وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [2].
وجاءت عوامل النصر جلية واضحة في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [3].
ولكن إذا تخلفت هذه الأسباب تخلف النصر بطبيعة الحال، وربما حلت الهزيمة؛ لأن سنن الله تعالى لا تحابي ولا تجامل أحدا من الخلق، ولا تجاري أهواء البشر، وإنما تساير أعمالهم، وإن الذين يرثون الكتاب وراثة بالاسم، وشهادة الميلاد، ولا يترجمون ما فيه من الأوامر والنواهي عملا سلوكيا ثم يقولون: سيغفر لنا! لا يستجيب الله عز وجل لهم، حتى يعودوا إلى العمل بما أمرهم الله به في كتابه المنزل[4]. [1] سورة محمد آية 7. [2] سورة الصافات الآيات 171-173. [3] سورة الأنفال آية 45، 46. [4] حول التفسير الإسلامي للتاريخ ص102.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 474