responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد    الجزء : 1  صفحة : 433
الصورة الثالثة: المجادلة بالتي هي أحسن
المجادلة أدلة كلامية يوردها الداعي ليلزم الخصم ويفحمه، ويجعله يؤمن بالمدعي، واتصفت المجادلة بالحسنى إبعادا لها عن مفهوم المجادلة الاصطلاحية الذي يعرف المجادلة المنطقية، والمكابرة، والمعاندة، بأنها ليست لإظهار الصواب، بل لإلزام الخصم، والتعالي، وإثبات الذات، ذلك أن حملة الدعوة يقصدون إظهار الصواب دائما والوقوف على الحق باستمرار، وإقناع الخصم بالحسنى.
يقول صاحب مختار الصحاح: "جادل مجادلة جدالا إذا خاصم بما يشغل عن ظهور الحق، ووضوح الصواب، هذا أصله ثم استعمل على لسان حملة الشرع في مقابلة الأدلة لظهور أرجحها، وهو محمود حسن إن كان للوقوف على الحق، وإلا فمذموم"[1].
ويقول الرازي: الجدل المذموم محمود على الجدل في تقرير الباطل، وطلب المال، والجاه، والجدل الممدوح محمول على الجدل في تقرير الحق، ودعوة الخلق إلى سبيل الله، والذب عن دين الله تعالى[2].
وهكذا قيد الله الجدل بالذي هو أحسن حتى يكون هادفا، ومقنعا، ومناقشا لشبه المدعوين.
والفرق بين الجدل والموعظة: أن المجادلة منازعة بين طرفين متعارضين، والخصم فيها ليس صامتا، وإنما يناقش ويرد بما رسخ في نفسه من أوهام وشُبَه.
بخلاف الموعظة، فإن المدعو بها يستمع إليها، ويستثار بها، وينفعل معها، بلا ضرورة المنازعة الكلامية..
وقد أمر الله رسوله أن يدعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالحسنى؛ لتعم الفائدة سائر الخلائق المختلفين: مكانا، وزمانا، وفكرا، وطبيعة.

[1] مختار الصحاح مادة "جدل".
[2] مفاتيح الغيب ج2 ص252.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد    الجزء : 1  صفحة : 433
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست