responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد    الجزء : 1  صفحة : 321
فقال ورقة: نعم، لم يأتِ رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي[1].
ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبحث عن الهداية التي جاءته، ومع أنه كان على يقين بالفوز العظيم بمجيء جبريل؛ ولذلك قال لخديجة: "أرأيتك الذي كنت أخبرتك أن رأيته في المنام؟ فإنه جبريل، استعلن لي، وأرسله إليَّ ربي".. ومع كل ذلك فإنه صلى الله عليه وسلم أصيب بالروع، وخشي على نفسه.
وهذا الخوف الذي عاشه النبي صلى الله عليه وسلم في لقاء جبريل عليه السلام جعل البعض يتساءل عن سبب هذا الخوف؛ لأن المقام مقام سرو ورضى، وليس مقام رهبة وهلع.
وقد تناول العلماء هذه المسألة، ورأوا أن الخوف لم يكن من النبوة، أو من الوحي، وإنما كان من تصوره أذى يأتي من الغط الشديد، أو من ثقل المسئولية، أو لأن الحوار لم يكن عاديا.. فلقد أمر جبريل عليه السلام محمدا صلى الله عليه وسلم بالقراءة ثلاث مرات، وغطه بشدة ثلاث مرات أيضا، والرسول يقول له: "ما أنا بقارئ"، وينتشر خبر ذلك عند خديجة، وأبي بكر، وورقة، ويتحدث عنه أهل مكة؛ ليكون حديثهم تعريفا بمحمد، وتنبيها على منزلته عند الله، والناس، فضلا من الله ونعمة.
يقول الإسماعيلي: إن العادة جرت بأن الأمر الجليل إذا قضى الله تعالى بإيصاله إلى الخلق أن يتقدمه ترشيح وتأسيس، وكان ما يراه النبي صلى الله عليه وسلم من الرؤيا الصادقة ومحبة الخلوة والتعبد من ذلك، فلما جاءه الملَك فجأه بغته بصورة تخالف العادة والمألوف، نفر طبعه البشري منه، وهاله ذلك، ولم يتمكن من التأمل في تلك الحال؛ لأن النبوة لا تزيل طباع البشرية كلها، فلا يتعجب أن يجزع مما لم يألفه، وينفر وطبعه منه، حتى إذا اندرج عليه، وألفه استمر عليه، فلذلك رجع إلى خديجة التي ألف تأنيسها له، فأعلمها بما وقع له، فهونت عليه خشيته، مما عرفته من

[1] صحيح البخاري - كتاب بدء الوحي ج1 ص5، 6، 7.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد    الجزء : 1  صفحة : 321
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست