اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 572
يعرف بـ"بئر الوتر" وكان أغلب القتلى من الأطفال والنساء والشيوخ، ففرت خزاعة إلى الحرم ودخلت فيه ولجأت إلى البيت الكريم.
أدركت بنو بكر حرمة المبيت، وشعرت بافتضاح تآمرها، فنادت قائدها نوفل بن معاوية الدؤلي، قائلة له: إنا قد دخلنا الحرم إلهك إلهك.
فقال لهم: لا إله اليوم يا بني بكر، أصيبوا ثأركم، فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم؟ أفلا تصيبون فيه ثأركم؟ [1].
وقد أعانت قريش حلفاءها بالسلاح والرجال، وحاولوا إخفاء ما قاموا به حتى لا ينتقم المسلمون منهم، وظنوا أن ظلام الليل يستر غدرهم.
وفي مكة بحثت خزاعة بعد انتهاء العدوان الغادر عن مقر آمن تذهب إليه فلجأت إلى دار بديل بن ورقاء، واستجارت به.
وأسرع عمرو بن سالم الخزاعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره الخبر، ويستنجده، فلما وصل إلى المدينة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا في المسجد بين الصحابة فوقف عنده ثم قال:
يا رب إني ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا2
قد كنتم ولدًا وكنا والدا[3] ... ثمة أسلمنا فلم ننزع يدا
فانصر هداك الله نصرا اعتدا ... وادع عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجردا ... أبيض مثل البدر يسمو صعدا
إن سيم خسفا وجهه تربدا ... في فيلق كالبحر يجري مزبدا
إن قريشًا أخلفوك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك المؤكدا
وجعلوا لي في كداء رصدا ... وزعموا أن لست أدعو أحدا
وهم أذل وأقل عددا ... هم بيتونا بالوتير هجدا
وقتلونا ركعًا وسجدا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نصرت يا عمرو بن سالم، ثم عرضت له سحابة من السماء فقال: إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب" [4].
ثم خرج بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة، حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فأخبروه بمن أصيب منهم، وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم، ثم رجعوا إلى مكة.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجهاز، وكتم الخروج، وسأل الله أن يعمي على قريش خبره حتى يبغتهم في بلادهم[5]. [1] سيرة النبي ج2 ص390.
2 يشير إلى ما كان بين خزاعة وبني هاشم من حلف في الجاهلية. [3] يشير إلى أن زوجة قصي أم عبد مناف من أم بني هاشم خزاعة. [4] سيرة النبي ج2 ص395. [5] البداية والنهاية ج4 ص278، 279.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 572