اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 528
ثالثا: القضاء على إرهاب اليهود في خيبر وما حولها
مدخل
...
ثالثًا: القضاء على إرهاب اليهود في خيبر وما حولها
بعد القضاء على اليهود في المدينة وضواحيها، والتخلص من بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريظة، تجمع من بقي منهم في خيبر وهي على بعد ثمانين ميلا شمال المدينة المنورة.
وخيبر عبارة عن ولاية في واد متسع تتناثر فيه التلال والمرتفعات، وقد جعل اليهود كل تل قرية صغيرة تتكامل منافعها وحاجاتها وجعلوا كل بيت حصنًا، وأحاطوا البيوت بسور منيع حتى صارت كل قرية حصنًا كبيرًا.
وقد أقام اليهود بيوتهم في خيبر بناء على نظرتهم للحياة، حتى يرون ضرورة التحصن خلف الجدر، وتوزيع الاستيطان في الأماكن العالية الحصينة، وإحاطة مساكنهم بالنخيل، والأشجار ليستفيدوا بثمرها، ويستتروا بها من عدوهم، ويعيشوا جنودًا محاربين ما دامت حياتهم فيها، وقد سمى اليهود موطنهم بـ"خيبر" ومعناه الحصن، والبعض يسميها "خيابر" إشارة إلى كونها مجموعة من الحصون المنيعة القوية.
وقد أخذ اليهود في إعداد العدة لمواجهة المسلمين وغيرهم، فأكثروا من تدريب رجالهم، وتسليحهم، وكانوا يخرجون كل يوم قبل الفجر، فيلبسون السلاح، ويصفون الكتائب، ويتجمعون في عشرة آلاف مقاتل استعدادًا للمسلمين، وإرهابًا لمن تسول له نفسه أن يأتي إليهم لمقاتلتهم.
ونظرًا لما في خيبر من زروع كثيرة، وثمار متنوعة فإنهم كانوا يسخرونها لكسب مودة القبائل، والتحالف معهم على المسلمين.
وقد تصور كثير من العرب أن اليهود في خيبر قوة لن تهزمها قوة أخرى، وكان اليهود أنفسهم يشيعون ذلك، ويقولون: محمد يغزونا! هيهات هيهات، وكان اليهود الذين وادعوا المسلمين في المدينة يقولون بعد أن تحرك المسلمون إلى خيبر: لو رأيتم خيبر وحصونها لعلمتم أن المسلمين سيرجعون قبل أن يصلوا إليها، حصون شامخات في ذرى الجبال والماء فيها دائم، وقوتهم ظاهرة بارزة[1].
والحديث عن مواجهة يهود خيبر يقتضي بيان ما يلي: [1] المغازي ج2 ص636.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 528