اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 498
بعض وأشرك صلى الله عليه وسلم بين أصحابه في الهدي، فنحر البدنة عن سبعة، وكان الهدي سبعين بدنة وقيل: مائة بدنة.
وكان الهدي دون الجبال التي تطلع على وادي الثنية، عرض له المشركون فردوا وجوه البدن، فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنه حيث حبسوه وهي في الحديبية.
وشرد جمل أبي جهل من الهدي الذي أعده رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يرعى وكان قد قلده وأشعره وكان جميلا نجيبًا مهيرًا فمر من الحديبية حتى انتهى إلى دار أبي جهل بمكة ووقف عنده وخرج في إثره عمرو بن عنمة بن عدي بن نابي السلمي الأنصاري للإتيان به فأبى سفهاء مكة أن يعطوه حتى أمرهم سهيل بن عمرو بدفعه إليه تنفيذًا للصلح وحاول القرشيون شراءه بمائة ناقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا أننا سميناه في الهدي فعلنا". ونحره عن سبعة ونحر طلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان بدنات ساقوها[1].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مقيمًا في الحل، ويصلي في الحرم وحضره من يسأل من لحوم البدن فقيرًا فأعطاهم من لحومها وجلودها، وأكل المسلمون من هديهم، وأطعموا المساكين، وبعث صلى الله عليه وسلم من الهدي بعشرين بدنة لتنحر عند المروة مع رجل من أسلم فنحرها عند المروة، وفرق لحمها.
فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحر البدن، دخل قبة له من أدم حمراء، فيها الحلاق فحلق رأسه، ثم أخرج رأسه من قبته وهو يقول: "رحم الله المحلقين"، قيل: يا رسول الله! والمقصرين؟ قال: "رحم الله المحلقين" ثلاثًا. ثم قال: "والمقصرين".
وحلق ناس، وقصر آخرون، وكان الذي حلقه صلى الله عليه وسلم خراش بن الفضل الكعبي، فلما حلقوا بالحديبية ونحروا بعث الله تعالى ريحًا عاصفًا فاحتملت شعورهم فألقتها في الحرم[2].
ثم أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحيل، فلما ارتحلوا مطروا ما شاءوا وهم صائمون، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلوا معه فشربوا من ماء المطر، وقام صلى الله عليه وسلم فخطبهم ووعظهم فجاء ثلاثة نفر إليه، فجلس اثنان وذهب واحد معرضًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [1] إمتاع الأسماع ج1 ص294. [2] الطبقات الكبرى ج2 ص104.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 498