اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 485
ثانيًا: التحرك للعمرة
استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة "عبد الله بن أم مكتوم" ونادى أصحابه للخروج لأداء العمرة، واستنفر العرب وأهل البوادي ليخرجوا معه، وأمر بالبدن فأخذت إلى "ذي الحليفة"[1] وتجهز الجميع لأداء العمرة، إلا أن كثيرًا من الأعراب أبطئوا في الخروج معتذرين بعلل واهية[2].
وخرج المسلمون في يوم الاثنين أول ذي القعدة عام ست للهجرة وبلغ عددهم ألفًا وأربعمائة في أصح الأقوال[3], ومعهم أربع نسوة هن أم سلمة، وأم عمارة وأم منيع أسماء بنت عمر، وأم عامر الأشهلية[4]، وليس معهم سلاح فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله ألم تخش علينا من أبي سفيان بن حرب وأصحابه ولم نأخذ للحرب عدتها؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "ما أدري ولست أحب أن أحمل السلاح معتمرًا".
وقال سعد بن عبادة: لو حملنا يا رسول الله السلاح معنا، فإن رأينا من القوم ريبًا كنا معدين لهم.
فقال صلى الله عليه وسلم: "لست أحمل السلاح، إنما خرجت معتمرًا" 5
ونوى المسلمون السفر إلى مكة فدخلوا المسجد النبوي، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم أحرم، وركب راحلته، وأخذ يلبي بأربع كلمات هي: "لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك". وأحرم عامة المسلمين بإحرامه صلى الله عليه وسلم ومنهم من أخر إحرامه فأحرم من ذي الحليفة وهي ميقات أهل المدينة[6].
وقلد المسلمون الهدي بذي الحليفة، وأحرم من لم يحرم بالعمرة، وأشعروا البدن وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عينًا من خزاعة ليأتيه بخبر أهل مكة، حتى كان بعسفان جاءه من أخبره بموقف قريش[7].
أتاه "بسر بن سفيان الكعبي" وكان قد سبق بالهدي فقال: يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك، فخرجوا ومعهم "العوذ المطافيل"[8] قد لبسوا جلود [1] زاد المعاد ج3 ص86. [2] سيرة النبي ج2 ص308. [3] صحيح البخاري ك المغازي باب غزوة الحديبية ج6 ص353، 354. [4] المغازي ج2 ص574.
5 إمتاع الأسماع ج1 ص275. [6] المغازي ج2 ص574. [7] صحيح البخاري ك المغازي باب غزوة الحديبية ج6 ص356. [8] العوذ الإبل والظباء, والمطافيل التي معها أطفالها وذراريها وهذه استعارة إلى خروج المكيين بنسائهم وأطفالهم.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 485