اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 483
المبحث العاشر: غزوة الحديبية
مدخل
... المبحث العاشر: غزوة الحديبية
أدت الغزوات، والسرايا العديدة التي وقعت بعد الأحزاب إلى لجوء القبائل إلى السكون، والانكفاء على الذات، وترك ما كان الشيطان يزينه لهم لمهاجمة المسلمين، والعمل للقضاء على محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه وعلموا أنه لا قبل لهم في تنفيذ ما أملوا فيه؛ ولذلك بدأت مرحلة جديدة للحركة بدعوة الله تعالى وهي مرحلة العمل خارج الجزيرة العربية وترك القبائل في سكونهم الذين يعيشون فيه، لأنه وسيلتهم للتفكير في الإسلام ومحمد صلى الله عليه وسلم هو طريقهم إلى اعتناق الإسلام.
في هذا الجو حدثت "غزوة الحديبية"[1].
والحديبية مكان قريب من مكة يقع في شمالها بمقدار ثلاثين ميلا تقريبًا، وهي قرية متوسطة سميت باسم بئر فيها، وفيها مسجد الشجرة، وبعضها في الحل وبعضها في الحرم عند الجمهور[2].
وتسميتها بـ"الغزوة" هو من قبيل المجاز؛ لأن المسلمين لم يخرجوا من المدينة للقتال، وإنما خرجوا يريدون العمرة، كما وعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك ساقوا الهدي أمامهم، ولبسوا إحرامهم، ولم يأخذوا سلاحهم، وما أخذوه من سويف وضعوه في أغمادها وشبه الحديبية بالغزوة ينحصر فقط في قيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخروجه معهم.
وأكثر العلماء يرون أن الحديبية كانت في العام السادس من الهجرة وهو قول الزهري وقتادة, وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق وابن كثير وغيرهم[3].
والحديث عن غزوة الحديبية يحتاج إلى دراسة النقاط التالية: [1] الحديبية بضم الحاء وفتح الدال وسكون الياء قرية صغيرة سميت ببئر فيها وفيها أقام المسلمون مسجد الشجرة في المكان الذي بايع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه والحديبية تبعد عنه بتسعة أميال تقريبًا. [2] معجم البلدان ج2 ص229، 230. [3] البداية والنهاية ج4 ص164.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 483