اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 408
فلما استلبث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه قاموا في طلبه، فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه فقال: رأيته داخلا المدينة، فأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهوا إليه صلى الله عليه وسلم، فأخبرهم الخبر، وعرفهم أن اليهود أرادت الغدر به، وأمرهم بالتهيؤ لحربهم، والسير إليهم، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم[1].
وحاول ابن أبي إشعال الفتنة فذهب إلى بني النضير، ومناهم بأن قريظة، وغطفان، وألفين معه سيكونون معهم إن قاتلوا المسلمين، فلما اشتد الأمر نكص على عقبيه كما فعل مع بني قيقناع، فتنبه بنو النضير، وأعدوا للأمر عدته.
وسار النبي صلى الله عليه وسلم بالناس، حتى نزل بهم، وذلك في شهر ربيع الأول من السنة الرابعة للهجرة، فحاصرهم ست ليال، فتحصنوا منه في الحصون، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخيل والتحريق فيها، فنادوه: أن يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد، وتعيبه على من يصنعه، فما بال قطع النخيل وتحريقها؟
وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج منهم "عدو الله" عبد الله بن أبي بن سلول، ووديعة مالك بن أبي قوقل، وسويد، وداعس، قد بعثوا إلى بني النضير: أن اثبتوا وتمنعوا فإنا لن نسلمكم، إن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن خرجتم خرجنا معكم، فتربصوا بذلك من نصرهم فلم يفعلوا، وانخذل المنافقون وقذف الله في قلوبهم الرعب، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم، ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الدروع ففعل، فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل، فكان الرجل منهم يهدم بيته ويحمل الأبواب والشبابيك فيضعها على ظهر بعيره فينطلق بها، فخرج أكثرهم إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام[2].
وممن سار منهم إلى خيبر سلام بن أبي الحقيق، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، وحيي بن أخطب فلقد نزلوها، وصار لهم فيها شأن وقوة ورأي.
حمل اليهود معهم النساء والأبناء وبعض الأموال وخلوا الأموال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يضعها حيث يشاء، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المهاجرين الأولين دون الأنصار إلا أن [1] زاد المعاد ج3 ص248. [2] سيرة النبي ج2 ص191.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 408