اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 393
الطريق الرئيسي بين مكة والمدينة، وعليهم السلاح، فاصطفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، والجراح فيهم فاشية قال: "اللهم ارحم بني سلمة" [1].
وكان حرص المسلمين على الخروج واضحًا، لدرجة أن جابر بن عبد الله رضي الله عنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبين له عذره في عدم الخروج لـ"أحد" واستأذنه في الخروج هذه المرة، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن مناديًا نادى ألا يخرج معنا إلا من حضر القتال بالأمس وقد كنت حريصًا على الحضور بالأمس في "أحد"، ولكن أبي خلفني على أخوات لي وقال: يا بني، لا ينبغي لي ولك أن ندعهن، ولا رجل عندهن، وأخاف عليهن، وهن بنات ضعاف، وأنا خارج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعل الله يرزقني الشهادة، فتخلفت عليهن فاستأثره الله عليّ بالشهادة، وكنت رجوتها لنفسي، فائذن لي يا رسول الله أن أسير معك، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول جابر: فلم يخرج معه أحد لم يشهد القتال بالأمس غيري[2].
وولى النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة الصحابي عبد الله بن أم مكتوم.
ومن نوادر الطاعة خروج عبد الله ورافع ابني سهل بن عبد الأشهل، فلقد رجعا من "أحد" وجراحهما ثقيلة، فلما سمعا النداء عزما على الخروج، وليس لهم دابة ولا يقدران على السير، فخرجا يزحفان على بطونهما، فلما عجز رافع عن الزحف حمله أخوه عبد الله على ظهره، حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العشاء، فلما علم أمرهما قال لهما صلى الله عليه وسلم: "لو طالت لكم المدة كانت لكم مراكب من خيل، وبغال، وإبل، وليس ذلك بخير لكم" [3].
وخرج مع رسول الله كل من خرج في أحد فبلغ عددهم ستمائة وسبعين رجلا وخرج معهم جابر بن عبد الله بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء رسول الله باللواء، وهو على حاله يوم "أحد" لأنه لم يحل ولم يتغير، وأعطاه لعلي بن أبي طالب، وواصل الجيش الإسلامي سيره إلى "حمراء الأسد" على بعد ستة أميال من المدينة، حتى بلغها، وعسكر بها[4]. [1] المغازي ج1 ص334، 335. [2] المغازي ج1 ص336, سيرة النبي ج2 ص100. [3] المغازي ج1 ص335. [4] إمتاع الأسماع ج1 ص168.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 393