اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 372
أن يكون لكل آية لمجموع آيات اتصال بالآيات السابقة بوجه وجيه تتقبله البلاغة بقبول حسن.
تبدأ الآيات بالحديث عن مقدمات الغزوة فيقول تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [1].
والحديث في الآيات واضح في أن المواجهة كانت صباحًا، برغم أن المسلمين خرجوا من المدينة بعد صلاة الجمعة، والمراد بالقتال الذي بوأ رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين مقاعد لهم فيه قتال يوم "أحد" يقول الطبري: والآية تعني يوم "أحد" لأن الله عز وجل يقول في الآية التي بعدها: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} ولا خلاف بين أهل التأويل، أنه عنى بالطائفتين بني سلمة وبني حارثة[2]، ولا خلاف بين أهل السير والمعرفة بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي ذكره الله من أمرها في هذه الآيات إنما كان يوم "أحد" دون "يوم الأحزاب"[3].
وإنما ذكرهم بنصر يوم "بدر" ليعلموا أن الله تعالى ينصر الفئة القليلة الصابرة التقية ليسيروا على منهجها حتى يتحقق لهم النصر، وعليهم ألا يغتروا بكثرتهم، وأن يداوموا الصبر والتقوى، والتوكل على الله تعالى.
ويقول سبحانه وتعالى: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ، بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ، وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ [1] سورة آل عمران الآيات من 121 إلى 123. [2] صحيح البخاري ك المغازي باب غزوة أحد ج6 ص291. [3] أسباب النزول ص69.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 372