اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 270
قوة جيش المدينة، فدار عمير بفرسه حول المعسكر، ثم رجع إليهم فقال: ثلاثمائة رجل يزيدون قليلا أو ينقصون، ولكن أمهلوني حتى أنظر أللقوم كمين، أو مدد؟
فضرب في الوادي حتى أبعد، فلم ير شيئًا فرجع إليهم، فقال: ما وجدت شيئًا، ولكني قد رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم منعة، ولا ملجأ، إلا سيوفهم، والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلًا منكم، فإذا أصابوا منكم أعدادكم، فما خير العيش بعد ذلك، فروا رأيكم وأنى لهؤلاء القوم لهم أن يفكروا ويتدبروا، ودعاة الحرب فيهم تنذر وتحرض وتحول بينهم وبين التعقل والفهم السليم!!
4- مقاومة معارضي القتال:
قامت معارضة ضد أبي جهل -المصمم على المعركة- تدعو إلى العودة بالجيش إلى مكة دونما قتال، فقد مشى حكيم بن حزام في الناس، وأتى عتبة بن ربيعة فقال: يا أبا الوليد إنك كبير قريش وسيدها والمطاع فيها، فهل لك إلى خير تذكر به إلى آخر الدهر؟
قال: وما ذاك يا حكيم؟
قال: ترجع بالناس وتحمل دية حليفك عمرو بن الحضرمي -المقتول في سرية النخلة.
فقال عتبة: قد فعلت، أنت ضامن عليّ بذلك، إنما هو حليفي فعليّ عقله، وديته وما أصيب من ماله.
ثم قال عتبة لحكيم بن حزام: فائت ابن الحنظلية "أبا جهل" فإني لا أخشى أن يشجر أمر الناس غيره.
ثم قام عتبة بن ربيعة خطيبًا فقال: يا معشر قريش، إنكم والله ما تصنعون بأن تقتلوا محمدًا وأصحابه شيئًا، والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر إلى وجه رجل يكره النظر إليه، قتل ابن عمه، أو ابن خاله، أو رجلا من عشيرته فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب، فإن أصابوه فذاك الذي أردتم، وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 270