اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 268
وقد كره أهل الرأي أن يخرجوا للقتال بعد نجاة القافلة، ومشى بعضهم لبعض في ذلك إلا أن دعاة الحرب، وعلى رأسهم أبو جهل "عمرو بن هشام" جعلوا يحرضون على الخروج، ويحضون على القتال، حتى تمكنوا من غايتهم، ولم يخالفهم إلا بنو زهرة وبنو عدي ونفر من بني هاشم.
أما بنو زهرة فقد قال لهم الأخنس بن شريك حليفهم: يا بني زهرة قد نجى الله أموالكم، وخلص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل، وإنما نفرتم لتمنعوه وماله، فاجعلوا بي جبنها وارجعوا فإنه لا حاجة لكم أن تخرجوا في غير منفعة، لا كما يقول هؤلاء فرجعوا، وكانوا نحو المائة، ويقال ثلاثمائة، فما شهدها زهري إلا رجلين هما عما مسلم بن شهاب الزهري، وقتلا كافرين ببدر.
واغتبطت بنو زهرة بعد برأي الأخنس، فلم يزل فيهم مطاعًا معظمًا.
وأما بنو عدي بن كعب فقد خرجوا مع الجيش حتى وصلوا إلى ثنية "لفت"[1] وهي مكان بين مكة والمدينة، فعدلوا في السحر إلى الساحل منصرفين إلى مكة، فقابلهم أبو جهل فقال لهم: يا بني عدي كيف رجعتم؟ لا في العير ولا في النفير؟
قالوا: أنت أرسلت إلى قريش أن ترجع، فرجعنا.
وأما بنو هاشم: فإنهم لما أزمعوا التخلف قال لهم أبو جهل: لا تفارقنا هذه العصابة منكم حتى نرجع.
ولم يترك أبو جهل شخصًا من مكة، كارهًا للخروج، أو مسلمًا يعلمون إسلامه ولا أحدًا من بني هاشم إلا وأشخصوه معهم بما بذلوه من جهد وحيلة، وكان على رأس من أخذوهم معهم: العباس بن عبد المطلب، ونوفل بن الحارث، وطالب بن أبي طالب، وعقيل بن أبي طالب، وأبو العاص بن الربيع.
وقد حاول أبو سفيان صرف قريش عن الخروج، فأرسل إليهم رسالة حملها قيس بن امرئ القيس، وجاء فيها: "إنكم خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم وقد نجاها لله فارجعوا"[2]. [1] لفت بفتح أوله وسكون ثانية موضع بين مكة والمدينة. [2] المغازي ج1 ص43.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 268