اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 232
المرحلة الثانية: مرحلة الإذن بالقتال
بدأ الإذن بالقتال بعد الهجرة مباشرة لتنتهي مرحلة المقاومة السلبية وذلك بنزول قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [1].
فالله سبحانه وتعالى حين أذن لهم في الذي كفهم عنه بين السبب في الإذن، وهو أنهم ظلموا خلال المرحلة المكية التي انتهت بإخراجهم، والاستيلاء على أموالهم، يقول الزمخشري: هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤذيهم المشركون أذى شديدًا، فيأتون الرسول صلى الله عليه وسلم ما بين مضروب، ومشجوج، يتظلمون إليه، فيقول لهم: "اصبروا فإني لم أومر بقتال". حتى هاجر[2].
وقد بدأت ملامح هذا الإذن خلال بيعة العقبة الثانية حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار على حمايته بما يحمون به أنفسهم وذراريهم وجرت خلال مفاوضات البيعة كلمات تشير إلى ضرورة الاستعداد للتصدي لعدوان من يعتدي على رسول الله وعلى دينه إذا قصدوا المدينة المنورة.
ولما تمت الهجرة بدت القوة الإسلامية وأصبح المسلمون مستعدين لملاقاة أعدائهم وفي إطار هذا الوضع نزل الإذن للمهاجرين بالقتال لاسترداد بعض حقهم.
وهكذا أذن الله لهم بالقتال بعد الهجرة، وبدأت مرحلة المواجهة الإيمانية، وهي المرحلة الثانية، وفيها نرى المهاجرين يتصرفون خلالها على أساس أنهم أصحاب حق مهان يجب أن يهاب، ومن حقهم أخذه بالظفر إن تمكنوا منه، ولذلك قاموا بعدد من السرايا والغزوات عقب الهجرة لإرهاب من ظلموهم، واستولوا على أموالهم، وحرموهم من ديارهم، وقد صحبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض هذه الحملات الصغيرة التي حدثت بعد الهجرة، وقبل غزوة بدر الكبرى.
ولعل ما يؤكد ارتباط الإذن بالقتال بالمهاجرين وحدهم أن جميع المشتركين في هذه [1] سورة الحج: 39. [2] تفسير الزمخشري ج3 ص15 ط دار المعرفة.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 232