اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 223
المبحث الثاني: تشريع الجهاد وحركة الدعوة
مدخل
...
المبحث الثاني: تشريح الجهاد وحركة الدعوة
لم يرض القرشيون بما آل إليه شأن المسلمين، ولم يقبلوا أن يعيش المسلمون في مجتمع آمن مستقر.
كان المظنون أن تهدأ ثائرة كفار مكة، وعباد الأوثان بعدما هاجر المسلمون إلى المدينة، وتركوا ديارهم وأموالهم عندهم، وابتعدوا عن مقابلتهم، وتخلصوا من مضايقاتهم وعدوانهم المتكرر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين.
كان المظنون ذلك لكن الواقع شهد بغير هذا لأن أهل مكة درسوا موقف المسلمين بعد الهجرة، وتصوروا أن تواجدهم في مجتمع خاص بهم سوف يؤدي إلى بروز الإسلام، ووصوله إلى الأماكن البعيدة لعلمهم أن الإسلام هو دين الحق، وأنه يتلاءم مع الإنسان السوي، ويرضي العقل السليم.
ومن أجل هذا التصور وضعوا خطة حصار المسلمين، وحالوا القضاء عليهم في مستقرهم الجديد.
علم كفار مكة ما كان من عبد الله بن أبي سلول من كراهيته للإسلام فكتبوا إليه ومن كان يعبد معهم الأوثان قائلين لهم: إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه، أو لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم[2].
فجمع ابن أبي أشياعه لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين معه، فلقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم: "لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم، وإخوانكم، فلما سمعوا ذلك من النبي تفرقوا" [2].
كما عملوا على منع المسلمين من زيارة البيت الحرام بمكة، وقد حدث أن سعد بن معاذ دخل مكة معتمرًا، ونزل على أمية بن خلف، فقال لأمية: انظر لي ساعة
1 سنن أبي داود باب خبر النضير ج2 ص139، 140 ط الحلبي. [2] المرجع السابق ونفس الصفحة.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 223