* الصحابة أئمة ومثل وهم بالرسول صلّى الله عليه وسلّم مقتدون:
ولو أخذت أيّة شريحة من الأحداث والأشخاص تجد عجبا، وفي أشد الأوقات وأصعب الأمور والوقائع، ومع ذلك نجد الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم أولهم وأكثرهم وأبعدهم احتمالا من أشدهم، وهذا في كل الصفات. فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسرعهم وأنجدهم وأشجعهم وأكرمهم وأورعهم وأعبدهم لله رب العالمين. ويروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قوله: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس. ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم راجعا وقد سبقهم إلى الصوت (وقد استبرأ الخبر) وهو على فرس لأبي طلحة رضي الله عنه عري، ما عليه سرج، في عنقه السيف، وهو يقول: «لم تراعوا، لم تراعوا، ما رأينا من شيء وجدناه لبحرا» [1] ، فكان بعد ذلك لا يجارى!!! [1] أخرجه الشيخان (البخاري ومسلم) . البخاري: كتاب الهبة، باب من استعار من الناس الفرس، رقم (2484) ، (2/ 926) . ومسلم: رقم (2526) . كذلك: الترمذي، أرقام (1685- 1687) . (جامع الأصول، رقم 8818، 11/ 247) . انظر: حياة الصحابة، (2/ 609) . تجد هناك أمثلة كثيرة، حيث يتحدث العديد من الصحابة عن صفات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والتي منها في الغزوات. فيروي العديد منهم قولهم: كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم. وعند أحمد والبيهقي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر اتقينا المشركين برسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان أشد الناس بأسا. كما كان أقربهم إلى العدو. انظر: البداية والنهاية، (6/ 37) . حياة الصحابة، (3/ 610) . «لبحر (بحر) » : واسع الجري. «استبرأ الخبر» : كشفه وحقق أمره. وكانت هذه الفرس لأبي طلحة. وهو زيد بن سهل الأنصاري (34 هـ) . وهو زوج أم سليم أم أنس بن مالك، وكان مهرها إسلامه. شهد العقبة الثانية (وكان أحد نقباء الأنصار الاثني عشر) وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان يعد من خيار المسلمين، معروف المواقف والمحبة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم. وكان راميا شديد النزع. وكان
اسم الکتاب : السيرة النبوية منهجية دراستها واستعراض أحداثها المؤلف : عبد الرحمن على الحجى الجزء : 1 صفحة : 234