اسم الکتاب : السيرة النبوية المؤلف : الندوي، أبو الحسن الجزء : 1 صفحة : 218
معاني الإسراء والمعراج العميقة ومراميها البعيدة:
ولم يكن الإسراء مجرّد حادث فرديّ بسيط رأى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات الكبرى، وتجلّت له ملكوت السموات والأرض مشاهدة وعيانا، بل زيادة إلى ذلك اشتملت هذه الرحلة النبوية الغيبية على معان عميقة دقيقة كثيرة، وإشارات حكيمة بعيدة المدى.
فقد ضمّت قصة الإسراء وأعلنت السّورتان الكريمتان اللّتان نزلتا في شأنه وتسمّى سورة الإسراء وسورة النجم أنّ محمدا صلى الله عليه وسلم هو نبيّ القبلتين، وإمام المشرقين والمغربين، ووارث الأنبياء قبله، وإمام الأجيال بعده، فقد التقت في شخصه وفي إسرائه مكّة بالقدس، والبيت الحرام بالمسجد الأقصى، وصلّى الأنبياء خلفه، فكان هذا إيذانا بعموم رسالته
- ذهب جمهور أهل السنة إلى أن الإسراء كان بالجسد والروح، وأن أقوى القرائن والدلائل على ذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما أعلن ذلك بين قريش فتن بعض الذين أسلموا- وارتدّ من ارتد- كما رواه ابن كثير؛ ولو كان بالروح أو رؤيا رآها النبي صلى الله عليه وسلم، لما كان في ذلك غرابة، فالإنسان العادي يرى في المنام ما لا يصدقه الواقع ولا يخطر بخلد أحد، ولقد ألف الناس في كل زمان ومكان الرؤى الغريبة والأحلام العجيبة، ولا يسارعون إلى تكذيبها؛ وقد روي منها كل غريب وشحنت به كتب الديانات وأخبار العظماء والنساك، ولو كان ذلك مجرد عروج روحي؛ أو قصة منام؛ لبادر النبي صلى الله عليه وسلم إلى إخبارهم بأن ذلك وحي أوحي به إليه، أو رؤيا رآها في المنام، فضموه إلى ما كانوا يسمعون منه صباح مساء، من وحي يوحى إليه وملك يأتيه فيكلمه، فما أثار تلك الدهشة التي أثارها والتساؤلات الكثيرة التي بعثها، فما هو بشيء جديد بالنسبة إليه. ومن شاء التوسّع في هذا الموضوع وتحقيق ما اشتمل عليه من أسرار وحقائق وحكم إلهية، وإشارات لطيفة؛ وفوائد تشريعية؛ في ضوء الكتاب والسنة والعقل السليم، فعليه بفصل «الإسراء إلى المسجد الأقصى ومنه إلى سدرة المنتهى» في كتاب «حجة الله البالغة» لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي المتوفى سنة 1176 هـ، ج: 2، ص 206- 207.
اسم الکتاب : السيرة النبوية المؤلف : الندوي، أبو الحسن الجزء : 1 صفحة : 218