responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 34
وَهُوَ صَاحب عين مَكَّةَ، وَهُوَ الَّذِي يُطْعِمُ النَّاسَ بِالسَّهْلِ وَالْوُحُوشَ فِي رُءُوس الْجبَال.
فائذن لَهُ عَلَيْكَ فَلْيُكَلِّمْكَ فِي حَاجَتِهِ، فَأَذِنَ لَهُ أَبْرَهَةُ.
قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَوْسَمَ النَّاسِ وَأَعْظَمَهُمْ وَأَجْمَلَهُمْ [1] ، فَلَمَّا رَآهُ أَبْرَهَةُ أَجَلَّهُ وَأَكْرَمَهُ عَنْ أَنْ يُجْلِسَهُ تَحْتَهُ، وَكَرِهَ أَنْ تَرَاهُ الْحَبَشَةُ يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِ مُلْكِهِ، فَنَزَلَ أَبْرَهَةُ عَنْ سَرِيرِهِ فَجَلَسَ عَلَى بِسَاطِهِ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَيْهِ إِلَى جَانِبِهِ، ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ حَاجَتُكَ؟ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ التُّرْجُمَانُ، فَقَالَ حَاجَتِي أَنْ يَرُدَّ عَلَيَّ الْمَلِكُ مِائَتَيْ بَعِيرٍ أَصَابَهَا لِي.
فَلَمَّا قَالَ لَهُ ذَلِكَ، قَالَ أَبْرَهَةُ لِتُرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: لَقَدْ كُنْتَ أَعْجَبْتَنِي حِينَ رَأَيْتُكَ، ثُمَّ قَدْ زَهِدْتُ فِيكَ حِينَ كَلَّمْتَنِي، أَتُكَلِّمُنِي فِي مِائَتَيْ بَعِيرٍ أَصَبْتُهَا لَكَ وَتَتْرُكُ بَيْتًا هُوَ دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ قَدْ جِئْتُ لِأَهْدِمَهُ لَا تُكَلِّمُنِي فِيهِ! ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: إِنِّي أَنَا رَبُّ الْإِبِلِ، وَإِنَّ لِلْبَيْتِ رَبًّا سَيَمْنَعُهُ.
فَقَالَ: مَا كَانَ لِيَمْتَنِعَ مِنِّي.
قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ.
فَرَدَّ عَلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِبِلَهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ قَدْ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ على أَبْرَهَة يعمر بن نفاثة ابْن عدى بن الديل [2] بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ سيد بنى بكر، وخويلد بن وائلة سَيِّدُ هُذَيْلٍ، فَعَرَضُوا عَلَى أَبْرَهَةَ ثُلُثَ أَمْوَالِ تِهَامَةَ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُمْ وَلَا يَهْدِمَ الْبَيْتَ فَأَبَى عَلَيْهِمْ ذَلِكَ.
فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَكَانَ ذَلِكَ أَمْ لَا.
فَلَمَّا انْصَرَفُوا عَنْهُ انْصَرَفَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرُ، وَأَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ وَالتَّحَرُّزِ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ، ثُمَّ قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ، وَقَامَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَدْعُونَ اللَّهَ وَيَسْتَنْصِرُونَهُ عَلَى أَبْرَهَةَ وَجُنْدِهِ، وَقَالَ عَبْدُ الْمطلب، وَهُوَ آخذ بِحَلقَة بَاب الْكَعْبَة:

[1] وتروى: أوسم النَّاس وأجمله وأعظمه.
[2] الطَّبَرِيّ: الدئل، بِضَم الدَّال وبكسر الْهمزَة.
(*)
اسم الکتاب : السيرة النبوية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست