responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 149
فِي نَشَزَاتِهَا أَرَاكٌ كَبَاثٌ مُخْضَوْضِلَةٌ وَأَغْصَانُهَا مُتَهَدِّلَةٌ، كَأَنَّ بَرِيرَهَا حَبُّ الْفُلْفُلِ وَبَوَاسِقُ أُقْحُوَانٍ، وَإِذَا بِعَيْنٍ خَرَّارَةٍ وَرَوْضَةٍ مُدْهَامَّةٍ [1] ، وَشَجَرَةٍ عَارِمَةٍ، وَإِذَا أَنَا بِقُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ فِي أَصْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَبِيَدِهِ قَضِيبٌ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَقُلْتُ لَهُ: أَنْعِمْ صَبَاحًا.
فَقَالَ: وَأَنْتَ فَنَعِمَ صَبَاحُكَ.
وَقَدْ وَرَدَتِ الْعَيْنَ سِبَاعٌ كَثِيرَةٌ، فَكَانَ كُلَّمَا ذَهَبَ سَبْعٌ مِنْهَا يَشْرَبُ مِنَ الَعَيْنِ قَبْلَ صَاحِبِهِ ضَرَبَهُ قُسُّ بِالْقَضِيبِ الَّذِي بِيَدِهِ.
وَقَالَ: اصْبِرْ حَتَّى يَشْرَبَ الَّذِي قَبْلَكَ.
فَذُعِرْتُ مِنْ ذَلِكَ ذُعْرًا شَدِيدًا، وَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ: لَا تَخَفْ.
وَإِذَا بِقَبْرَيْنِ بَيْنَهُمَا مَسْجِدٌ، فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ الْقَبْرَانِ؟ قَالَ: قَبْرَا أَخَوَيْنِ كَانَا يَعْبُدَانِ اللَّهَ عزوجل بِهَذَا الْمَوْضِعِ.
فَأَنَا مُقِيمٌ بَيْنَ قَبْرَيْهِمَا أَعْبُدُ الله بَيْنَ قَبْرَيْهِمَا أَعْبُدُ اللَّهَ حَتَّى أَلْحَقَ بِهِمَا.
فَقُلْتُ لَهُ: أَفَلَا تَلْحَقُ بِقَوْمِكَ فَتَكُونَ مَعَهُمْ فِي خَيْرِهِمْ وَتُبَايِنَهُمْ عَلَى شَرِّهِمْ؟ فَقَالَ لِي: ثكلتك أمك! أَو مَا عَلِمْتَ أَنَّ وَلَدَ إِسْمَاعِيلَ تَرَكُوا دِينَ أَبِيهِمْ وَاتَّبَعُوا الْأَضْدَادَ وَعَظَّمُوا الْأَنْدَادَ؟ ! ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْقَبْرَيْنِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ: خَلِيلَيَّ هُبَّا طَالَمَا قَدْ رَقَدْتُمَا * أَجِدَّكَمَا لَا تَقْضِيَانِ كَرَاكُمَا أَرَى النَّوْمَ بَيْنَ الْجِلْدِ وَالْعَظْمِ مِنْكُمَا * كَأَنَّ الَّذِي يَسْقِي الْعُقَارَ سَقَاكُمَا أَمِنْ طُولِ نَوْمٍ لَا تُجِيبَانِ دَاعِيًا * كَأَنَّ الَّذِي يَسْقِي الْعُقَارَ سَقَاكُمَا أَلَمْ تعلما أَنى بِنَجْرَان مُفردا * ومالى فِيهِ مِنْ حَبِيبٍ سِوَاكُمَا مُقِيمٌ عَلَى قَبْرَيْكُمَا لَسْتُ بَارِحًا * إِيَابَ اللَّيَالِي أَوْ يُجِيبَ صَدَاكُمَا أبكيكما طُولَ الْحَيَاةِ وَمَا الَّذِي * يَرُدُّ عَلَى ذِي لَوْعَةٍ أَنْ بَكَاكُمَا فُلَوْ جُعِلَتْ نَفْسٌ لِنَفْسِ امْرِئٍ فِدًى * لَجُدْتُ بِنَفْسِي أَنْ تَكُونَ فِدَاكُمَا

[1] التنائف: جمع تنوفة وهى الْمَفَازَة.
والقفاف: جمع قف، وَهُوَ حِجَارَة غاص بَعْضهَا بِبَعْض لَا تخالطها سهولة.
والضغابيس: أَغْصَان التَّمام والشوك الَّتِى تُؤْكَل.
والجثجاث: نبت.
والجذعان: صغَار الْجبَال.
والحوذان: نبت.
والظلمان: جمع ظليم وَهُوَ ذكر النعام.
والايهقان: عشب يطول وَله وردة حَمْرَاء وورقه عريض ويؤكل أَو الجرجير البرى.
والكباث: النضيج من ثمار الاراك.
والمخضوضلة: المبتلة.
والبرير: الاول من ثَمَر الاراك.
والمدهامة: الخضراء تضرب إِلَى السوَاد نعْمَة وريا.
(*)
اسم الکتاب : السيرة النبوية المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست