اسم الکتاب : السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 56
حرم معلوم الحدود. وضعت على حدوده نصب، وعلامات يعرف بها، يأمن فيه الإنسان، والحيوان، والطير، فلا يسفك فيه دم، ولا يهاج فيه حيوان، ولا يصاد فيه طير، بل ولا يقطع شجرها، وقد حرمها الله وما حولها من يوم أن خلق السموات والأرض، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة كما روي في الصحيحين [1] ، وقد أظهر الله هذا التحريم على لسان الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وتسمى (بكّة) ، قال تعالى:
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ (96) [2] .
وتسمى: (أم القرى) [3] قال تعالى:
وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها (7) [4] .
ولمكة مكانة ممتازة في نفوس المسلمين، ففيها الكعبة، والمسجد الحرام، والصفا والمروة، وبجوارها عرفات، والمزدلفة، ومنى، وهي من مشاعر الحج، فلذلك تهفو إليها قلوب الألوف لقضاء الحج والعمرة، من لدن الخليل إبراهيم عليه السلام إلى وقتنا هذا.
ويرجح بعض الباحثين في السيرة نشأتها إلى سنة خمسين وألفين قبل الميلاد [5] ، وقد اختلف في أول من أنشأها، فجمهور المؤرخين على أن أول من بناها وسكنها العماليق [6] ، ثم خلفهم عليها جرهم حتى أسكن الخليل إبراهيم [1] صحيح البخاري- كتاب الحج- باب لا يحل القتال بمكة؛ وصحيح مسلم- كتاب الحج- باب تحريم مكة. [2] الاية 96 من سورة ال عمران. [3] العرب يطلقون القرية على البيوت المجتمعة صغرت أم كبرت، وفي الحديث الصحيح «أمرت بقرية تأكل القرى» أي المدينة. [4] الاية 7 من سورة الشورى. [5] حياة محمد ورسالته، ص 14. [6] هم من العرب البائدة، وهم من نسل لاوز بن سام بن نوح، والعماليق ملكوا مصر مدة، وكونوا بها أسرة مالكة حوالي القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد، وملكوا العراق
اسم الکتاب : السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 56