اسم الکتاب : السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 473
فقال الشيخ النجدي: القول ما قال الرجل، هذا الرأي ولا رأي غيره، فتفرق القوم وهم مجمعون على هذا.
إذن الله لنبيه في الهجرة
وهكذا بيّت المشركون أمرا، وبيّت الله أمرا، وأرادوا أن يكيدوا النبي، فرد الله كيدهم في نحرهم، فنزل جبريل على النبي صلّى الله عليه وسلّم مخبرا له بما كادوه به، ومخبرا له بأن الله أذن له في الهجرة، وألاينام على فراشه الذي كان يبيت عليه، وقد أنزل الله [1] سبحانه في شأن هذه المؤامرة قوله:
وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ [2] وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (30) [3] .
إخبار الصديق بالإذن في الهجرة
وكان من عادة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يأتي بيت أبي بكر كل يوم مرتين: بكرة وعشية، قالت عائشة: فبينما نحن يوما جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة [4] قال قائل [5] لأبي بكر: هذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم متقنعا [6] في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر! فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاستأذن فأذن له، فدخل، فاستأخر أبو بكر عن [1] قيل نزلت على النبي وهو بمكة، وقيل وهو في طريقه إلى المدينة، أو بعد وصوله إليها. [2] قد يقول قائل: ما بال الترتيب في الاية لم يجىء على حسب الواقع، ولم وسّط القتل مع أنه كان في المشاورة اخرا؟ والجواب: أن هذا من عجيب أسلوب القران، وبديع طريقته، ذلك أن الرأي الذي اختاروه هو القتل، فجاءت الاية على هذا النسق البديع من توسيط القتل بين الحبس والإخراج، لتدل الاية بوضعها وترتيبها على الرأي الوسط المختار، وهو سر من أسرار الإعجاز، فلله ربّ التنزيل ما أكرمه وأبلغه. [3] الاية 30 من سورة الأنفال. [4] أول الزوال وهو أشد ما يكون من حرارة النهار. [5] الظاهر أنها ابنته أسماء. [6] مغطيا رأسه.
اسم الکتاب : السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 473