اسم الکتاب : السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 300
انفا من أبي الحكم بن هشام!! وجده هنا جالسا فاذاه وسبه، وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه، ولم يكلمه محمد.
من لحظات التجلّي الإلهي
فاحتمل الغضب حمزة لما أراد الله كرامته، وأدركته لحظة من لحظات التجلّي الإلهي، فانطلق يسعى مصمما أنه إذا لقي أبا جهل بطش به، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم، فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس، فضربه به، فشجّه شجة منكرة، ثم قال له: أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول؟! فردّ علي ذلك إن استطعت، فقام رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل، فقال لهم: دعوا أبا عمارة؛ فإني والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا.
وعاد حمزة إلى بيته وقد ساورته الوساوس الشيطانية، والهواجس النفسية، وكيف ترك دين قومه، واتبع دين ابن أخيه، ثم التمس التوفيق والرشد من الله فقال: اللهم إن كان هذا رشدا فاجعل تصديقه في قلبي، وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا.
فبات بليلة لم يبت مثلها من وسوسة الشيطان حتى أصبح، فغدا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا ابن أخي، إني قد وقعت في أمر لا أعرف المخرج منه وإقامة مثلي على ما لا أدري: أرشد أم غي شديد»
!! فحدثني حديثا، فقد اشتهيت يا ابن أخي أن تحدثني. فأقبل عليه النبي بحديثه الذي ينير القلوب، ويطمئن النفوس، ويذهب ظلمات الشك والوساوس، فذكّره وبشّره، وأنذره، فثبت الله في قلبه الإيمان فقال: أشهد إنك لصادق، فأظهر دينك فو الله ما أحب أن لي ما أظلّته السماء وأنا على ديني الأول. وقد اكتسب المسلمون بإسلامه عزة وقوة، وازداد به الرسول نصرة ومنعة.
(1) هذا يدل على حصافة في العقل، وأصالة في التفكير، واعتداد بالنفس، وأن القوم كانوا أصحاب عقول ومواهب، وأنهم كانوا أهلا لكل توجيه نبوي كريم حتى صاروا خير أمة أخرجت للناس.
اسم الکتاب : السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 300