اسم الکتاب : السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 130
حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم، وشب الغلام، وتعلم العربية منهم، وأنفسهم [1] وأعجبهم حين شب، فلما أدرك [2] زوّجوه امرأة منهم، وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته [3] ، فلم يجد إسماعيل، فسأل امرأته عنه، فقالت: خرج يبتغي لنا [4] ، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بشرّ، نحن في ضنك وشدة، فشكت إليه! قال: فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام، وقولي له: يغيّر عتبة بابه [5] ، فلما جاء إسماعيل كأنه انس شيئا [6] فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم جاءنا شيخ كذا وكذا، فسألنا عنك فأخبرته، وسألنا كيف عيشنا؟ فأخبرته أنّا في جهد وشدة، قال: فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول: غيّر عتبة بابك، قال: ذاك أبي، وقد أمرني أن أفارقك، الحقي بأهلك فطلقها، وتزوج امرأة منهم أخرى [7] .
فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله، ثم أتاهم بعد فلم يجده، فدخل على امرأته، فسألها عنه، فقالت: خرج يبتغي لنا، قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بخير وسعة، وأثنت على الله- عز وجل- فقال: ما طعامكم: قالت: اللحم، قال: فما شرابكم؟ قالت: الماء، قال:
اللهمّ بارك لهم في اللحم والماء، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ولم يكن لهم يومئذ حب، ولو كان لهم دعا لهم فيه» قال: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة [1] أي رغبهم في مصاهرته نفاسته عندهم. [2] بلغ مبلغ الرجال. [3] هاجر وابنها. [4] يطلب لنا الرزق. [5] المراد بالعتبة: المرأة وهي من الكنايات البديعة، فالعتبة تصون الباب وتصون ما هو بداخله، وهي المعبر لبيت الإنسان، الذي يؤويه، ويقيه الحر والبرد، والمرأة تعف زوجها، وتصونه وتصون نفسها، وماله. وهي سكن النفس، وإليها يفيء الزوج بعد العناء والتعب فيجد الروح والراحة. [6] أبصر وأحس. [7] قيل: هي رعلة بنت مضاض بن عمرو الجرهمية، وقيل غير ذلك.
اسم الکتاب : السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 130