اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 292
قال الله تعالى مخبرًا عن قوم نوح {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} [1].
وسواع المذكور ضمن هذه الأصنام: هو اسم صنم كان لقوم نوح عليه السلام ثم صار بعد ذلك لقبيلة هذيل المضرية[2].
روى البخاري تعليقا عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما وَدٌّ فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع"[3].
ويوضح لنا ابن الكلبي كيف صار سواع صنمُ قوم نوح صنمًا لهذيل بعد كل تلك السنين الطويلة، فيذكر أن مبتدع الأوثان للعرب عمرو بن لحي الخزاعي كان له قرين من الجن، فأتاه يوما وأخبره أن أصنام قوم نوح المشهورة قد دفعها الطوفان إلى ساحل جدة[4] وطمرتها الرمال، وأمره أن يستخرجها ويخرج بها إلى تهامة في موسم الحج ويدعو العرب إلى عبادتها[5] ففعل وكان ممن أجاب دعوته قبيلة مضر، فدفع إلى رجل من هذيل سواعًا حيث نصبه لهم في منطقة يقال لها رهاط، وكانت سدنته منهم بني لحيان[6] وكان سواع هذا [1] نوح: (23) . [2] ذكر ذلك ابن إسحاق بلا سند، سيرة ابن هشام (1/78) ، وابن الكلبي، الأصنام (56) ، والجوهري،
(صحاح، باب العين، فصل السين) ، وانظر رواية ابن عباس عند البخاري التي سنذكرها الآن. [3] أخرجه البخاري موصولا إلى ابن جريج، ومعلقا عن ابن عباس، وانظر تعليق ابن حجر عليه. فتح الباري (8/667-668) . [4] هي: مدينة جدة المعروفة اليوم. [5] ابن الكلبي، الأصنام (ص 56) .
قلت: قد يستبعد البعض هذه القصة لضعف سندها ولاستحالة بقاء تلك الأصنام على حالتها كل هذه المدة، ولكن بغض النظر عن صحة سند الرواية فإن علم الآثار والحديث قد يؤيد هذه الرواية، فكثير من الحفريات والآثار البالغة القِدم حتى قبل عهد نوح بسنين وجدت مدفونة تحت الرمال وبحالة جيدة والله تعالى أعلم بالصواب. [6] يذكر ابن حجر عن ابن إسحاق أن رهاط بضم الراء وتخفيف الهاء من أرض الحجاز من جهة الساحل. فتح الباري (8/668) .=
اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 292