اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 189
إمكانية رواية أبي هريرة رضي الله عنه للخبر في الصحيح[1].
كما أن منطقة عمليات السرية وهدفها الذي توجهت إليه يكاد يكون واحدا في كلا الروايتين، ففي رواية الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم بعثهم إلى بني عبس، وفي رواية الواقدي أنه بعثهم إلى غطفان نحو نجد، ومعلوم أن بني عبس من غطفان ومسكنهم في نجد[2] فرواية الصحيح أخص وأدق من رواية الواقدي.
وكذلك كون المرأة من الأنصار في الروايتين، وتقارب قيمة المهر المدفوع فيهما هو مائتا درهم في رواية الواقدي، وأربع أواق في رواية الصحيح، وقد صرح ابن حجر في "الإصابة" في رواية مختصرة ولكنها مماثلة لرواية الصحيح –خاصة فيما يتعلق بقيمة المهر- أنه ابن أبي حدرد نفسه[3].
فكل هذه القرائن[4] تعطينا بعض الدلائل التي يمكن بواسطتها الحكم بوحدة القصة، وبالتالي ترجيح رواية الواقدي الموافقة للصحيح على رواية ابن إسحاق الضعيفة من الناحية الحديثية[5] والتي يذكر فيها أن هذه السرية سرية استطلاعية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغابة[6] بقيادة عبد الله بن أبي حدرد نفسه، وذلك [1] لأن أبا هريرة رضي الله عنه لم يهاجر إلا بعد خيبر، والتاريخ الذي ذكره الواقدي للسرية هو شعبان سنة ثمان، كما أن ابن حجر قد ذكر أن أول مشاهد عبد الله الحديبية ثم خيبر. [2] انظر الكلبي، جمهرة النسب (414) . [3] ابن حجر، إصابة (2/295) . [4] استدل بعض أهل المغازي بقرينة واحدة هي عدد سهمان الجيش على جعل هذه السرية هي السرية التي خرج فيها ابن عمر رضي الله عنهما وجاء ذكرها في الصحيحين. انظر ابن سيد الناس، عيون (2/209) ، والشامي، سبل (6/290) ، وابن حجر، فتح (8/56) ، والزرقاني، شرح (2/284) . [5] وردت رواية ابن إسحاق بثلاث صيغ إحداها مبهمة أخرجها ابن هشام، والثانية منقطعة أخرجها البيهقي، والثالثة متصلة أخرجها عنه الطبري بسند ضعيف، فكل الروايات الثلاث لا تخلو من مقال. والله أعلم. [6] الغابة: هي أرض من مقصر جبل أحد إذا أكنع في قناة إلى الشمال، تشمل مدفع وادي النقمي في الخليل، ويمكن اعتبار الخليل كله من الغابة. البلادي، معجم (322) .
وينقل عبد القدوس الأنصاري مشاهداته عن الغابة فيذكر: أنها أرض ذات شجر متكاثف وبها شقوق هائلة غائرة في بطن الأرض، وأنه لاحظ بأطراف هذه الشقوق تقوم شجيرات الأثل والطرفاء القصيرة. عبد القدوس الأنصاري، آثار المدينة المنورة (ص 126-127) .
قلت: قد تغير حال الغابة الآن فلم تعد غابة كما كانت من قبل حيث دخل بعض أرضها في مزارع الخليل، والبعض الآخر أصبح أرضا جرداء فيها بقايا من الشجر الأثل القصير يحكي قصة الغابة المندثرة.
اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 189