اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 130
عندما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة دار هجرته بدعوة من الأوس والخزرج الذين آمنوا به وبرسالته ونصروه حتى عُرفوا فيما بعد بالأنصار، ولكن كانت هنالك قلة قليلة منهم بقيت على شركها، وبنو عمرو بن عوف هي إحدى القبائل الأوسية المنضمة إلى حظيرة الإسلام، وقد كانت كغيرها من القبائل الأنصارية، الغالبية العظمى مسلمين، وقليل منهم الذين بقوا على شركهم.
وكان من هؤلاء شيخ كبير[1] قد عسا[2]، عظيم الكفر، شديد الطعن على المسلمين، يدعى أبا عفك، وكان قد امتلأ قلبه بالحقد والحسد للمسلمين، وهو يرى التفاف الأوس والخزرج على نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وازداد كيده بالإسلام وأهله بعد أن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يزداد قوة وتمكينًا في المدينة وما حولها بعد غزوة بدر[3]، فلم يطق لذلك صبرًا، فأخذ ينشد الشعر يهجو به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحرض على عداوته، ويسفه رأي الأنصار لمتابعتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناصرته[4].
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه متمادٍ في غيه، لدرجة أنه يريد تأليب الناس عليه، وإثارة الفتنة والشقاق بين المسلمين ندب الصحابة لقتله قائلاً: "من لي [1] يذكر الواقدي، وابن سعد أنه قد بلغ من العمر عشرين ومائة سنة. انظر: الواقدي، مغازي (1/174) ، وابن سعد، طبقات (2/28) . [2] العسوس من الرجال إذا قل خيره. ابن منظور، لسان (عس) . [3] يذكر ابن إسحاق أنه قد نجم نفاقه بعد قتل الحارث بن سويد بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أحد. انظر ابن هشام، سيرة (3/89، 3/635) وهو بذلك قد خالف الواقدي، وابن سعد اللذين حددا تاريخ هذه الواقعة بشوال على رأس عشرين شهرا. الواقدي، مغازي (1/175) ، وابن سعد، طبقات (2/28) . [4] كان مما قاله:
لقد عشتُ دهرا وما إن أرى ... من الناس دارًا ولا مَجمعا
أبرَّ عهودًا وأوفى لمن ... من أولاد قَبلة في جمعِهم
يعاقدُ فيهم إذا ما دعا ... يَهُدُّ الجبالَ ولم يخضعا
فصدَّهم راكبٌ جاءهم ... حلالٌ حرام لشتى معا
فلو أن بالعز صدَّقتم ... أو الملكِ تابعتم تُبَّعا
ابن هشام، سيرة (4/636) .
اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 130