اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 104
الذي يستحلون من المؤمنين هو أكبر من ذلك من صدهم عن سبيل الله، حين يسجنونهم ويعذبونهم ويحبسونهم أن يهاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفرهم بالله، وصدهم المسلمين عن المسجد الحرام في الحج والعمرة والصلاة فيه، وإخراجهم أهل المسجد الحرام وهم سكانه من المسلمين وفتنهم إياهم عن الدين[1].
فمن يدافع عن الحرمات لا بد أن يكون مؤهلا لذلك بأن يكون على الأقل قدوة فيما يدَّعيه، فهلا قومت قريش سلوكها تجاه من فرض وأمر بهذه الحرمات التي يدَّعون أنهم قَيَّمون عليها، وهم يشركون معه في العبادة أحجارًا وأوثانًا لا تنفع ولا تضر. لقد كان في هذا التقريع والتوبيخ الإلهي ما يكفي لردع قريش وكبح جماحها وكتم أبواق دعايتها وبالتالي تعريتها أمام الرأي العام العربي.
وكان فيه الطمأنينة والأمان للمسلمين وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وراحةُ بال لأهل السرية الذين أسعدهم دفاع الله عز وجل عنهم فطمعوا في الأجر فأنزل الله عز وجل في ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [2] فوضعهم الله عز وجل من ذلك على أعظم الرجاء"[3].
أما موقف اليهود بالمدينة فكان ينم عن حقد دفين وكره للمسلمين الذين كانوا يتربصون بهم الدوائر، فما حصلت تلك المواجهة بينهم وبين قريش حتى تفاءلوا عليهم بها شامتين، وهم يعتقدون أنها بداية الشرارة لحرب شعواء؛ يكون فيها القضاء تمامًا على المسلمين القلة في ذلك الوقت بالنسبة لقوة قريش وحلفائها الضاربة في الجزيرة العربية. ولكن الله كبتهم، فصار فألُهم شؤمًا [1] أخرج ذلك البيهقي عن عروة، دلائل (3/18) . [2] البقرة (218) . [3] أخرجه ابن إسحاق والطبري عن عروة. انظر ابن هشام، سيرة (2/605) ، والطبري، تفسير (2/356) ، وذكر عن قتادة وعن الربيع مثله.
اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 104