اسم الکتاب : الرسول القائد المؤلف : محمود شيت خطاب الجزء : 1 صفحة : 399
وانتهز المنافقون فرصة شدّة الحر ونضوج الثمار وطول المسافة وقوة العدو، فأخذوا يثبّطون العزائم وينشرون الروح الانهزامية بين المسلمين، ولكنهم أخفقوا في محاولاتهم إذ لم يتخلف من المسلمين أحد عن الجهاد غير ثلاثة رجال؛ ولم يقبل النبي صلّى الله عليه وسلم أن يستعين بالقوات التي جمّعها عبد الله بن أبي، لأنه لم يكن يثق باخلاص تلك القوات، فبقي ابن أبي وأصحابه من المنافقين في المدينة [1] .
وبقي في المدينة قسم من المسلمين الذين لم يجد الرسول صلّى الله عليه وسلم ما يحملهم عليه، فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون [2] .
وأنجز جيش العسرة [3] استعداداته، وتحشد خارج المدينة، وأصبح مستعدا للحركة من كل الوجوه.
2- الروم:
وزّع هرقل مرتبات سنة كاملة على قواته النظامية، كما وزّع كثيرا من المال على القبائل العربية الخاضعة لسيطرته، تشجيعا لهم على معاونة جيشه في الصراع الوشيك.
وبعد إنجاز استعدادات قواته، أرسل طلائعها الى (البلقاء) [4] لستر التحشّد الذي تمّ بعد ذلك في منطقة تبوك. [1] - عسكر عبد الله بن أبي في ثنية الوداع في حلفائه من يهود والمنافقين، فلما سار رسول الله (ص) ، تخلف عبد الله بن أبي ومن كان معه. [2] - هم البكاءون وهم سبعة: سالم بن عمير، وسالم بن هرمي بن عمرو، وعلبة بن زيد، وأبو ليلى المازني، وعمرو بن غنمة وسلمة بن صخر، والعرباض بن سارية. انظر طبقات ابن سعد 2/ 165. [3] - قال الله تعالى: (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ) فكانت عسرة من الماء ومن الحر ومن الثقفة. [4] - البلقاء: كورة من أعمال دمشق بين الشام ووادي القرى قصبتها عمان، وفيها قرى كثيرة ومزارع واسعة. انظر التفاصيل في معجم البلدان 2/ 276. وهي مقاطعة أردنية تشمل لواء عمان ولواء السلط، والأخير يشمل قضاء السلط وقضاء مأدبا ويحدها نهر الزرقاء شمالا ونهر الموجب جنوبا.
اسم الکتاب : الرسول القائد المؤلف : محمود شيت خطاب الجزء : 1 صفحة : 399