اسم الکتاب : الرسول القائد المؤلف : محمود شيت خطاب الجزء : 1 صفحة : 347
دروس من الفتح
1- المباغتة:
حرص النبي صلّى الله عليه وسلم أشد الحرص على الا يكشف نياته لأحد عندما اعتزم الحركة الى مكة، وكان سبيله الى ذلك الكتمان الشديد.
لم يبح بنياته لأقرب أصحابه الى نفسه أبي بكر الصديق رضي الله عنه، بل لم يبح بنياته الى أحب نسائه إليه عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها، وبقيت نياته سرا مكتوما حتى أنجز هو وأصحابه جميع استعدادات الحركة، وحتى وصل أمره الإنذاري [1] الى المسلمين خارج المدينة وداخلها لإنجاز الاستعداد للحركة. ولكنه أباح بنياته في الحركة الى مكة قبيل موعد خروجه من المدينة، حيث لم يبق هناك مبرر للكتمان، لأن الحركة أصبحت وشيكة الوقوع.
ومع ذلك فانه بثّ عيونه وأرصاده ودورياته لتحول دون تسرب المعلومات عن حركته الى قريش.
بثّ عيونه داخل المدينة ليقضي على كل خبر يتسرّب من أهلها الى قريش، وقد رأيت كيف اطّلع على إرسال حاطب بن أبي بلتعة برسالته الى مكة، فاستطاع أن يحجز على تلك الرسالة قبل أن تصل الى الذين أرسلت اليهم.
وبثّ دورياته في المدينة وخارجها ليحرم قريشا من الحصول على المعلومات عن نيات المسلمين، وليحرم المنافقين والموالين لقريش من إرسال المعلومات إليها.
وبقي النبي صلّى الله عليه وسلم يقظا كل اليقظة، حذرا كل الحذر، حتى وصل ضواحي مكة، ونجح بترتيباته في حرمان قريش من معرفة تدابير المسلمين لفتح مكة. [1] - الأمر الإنذاري: تعبير عسكري يقصد به الأمر التمهيدي الذي يصدر (مبكرا) قبل إصدار الأوامر المفصلة لغرض إعطاء فكرة للآمرين المرءوسين عن الحركة المقبلة، ولكي تنجز الاستحضارات اللازمة بكفاية لهذه الحركة.
اسم الکتاب : الرسول القائد المؤلف : محمود شيت خطاب الجزء : 1 صفحة : 347