وادي القرى:
ولما فرغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم من خيبر، انصرف إلى وادي القرى، وكان بها جماعة من اليهود، وانضاف إليهم جماعة من العرب.
فلما نزلوا استقبلتهم يهود بالرمي وهم على تعبئة، فقتل مدعم عبد لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال الناس: هنيئا له الجنة، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: كلا. والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم، لم تصبها المقاسم، لتشتعل عليه نارا. فلما سمع بذلك الناس جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم بشراك أو شراكين، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: شراك من نار أو شراكان من نار [1] .
ثم عبأ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أصحابه للقتال، وصفهم، ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة، وراية إلى الحباب بن المنذر، وراية إلى سهل بن حنيف، وراية إلى عبّاد بن بشر، ثم دعاهم إلى الإسلام فأبوا، وبرز رجل منهم، فبرز إليه الزبير بن العوام فقتله، ثم برز آخر فقتله، ثم برز آخر فبرز إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقتله، حتى قتل منهم أحد عشر رجلا، كلما قتل منهم رجل دعا من بقي إلى الإسلام.
وكانت الصلاة تحضر هذا اليوم، فيصلي بأصحابه، ثم يعود، فيدعوهم إلى الإسلام وإلى الله ورسوله، فقاتلهم حتى أمسوا، وغدا عليهم، فلم ترتفع الشمس قيد رمح حتى أعطوا ما بأيديهم، وفتحها عنوة، وغنمه الله أموالهم، وأصابوا أثاثا ومتاعا كثيرا.
وأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم بوادي القرى أربعة أيام، وقسم على أصحابه ما أصاب بها، وترك الأرض والنخل بأيدي اليهود، وعاملهم عليها [2] (كما عامل أهل خيبر) .
تيماء:
ولما بلغ يهود تيماء خبر استسلام أهل خيبر ثم فدك ووادي القرى لم يبدوا أي مقاومة ضد المسلمين، بل بعثوا من تلقاء أنفسهم يعرضون للصلح. فقبل ذلك منهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأقاموا بأموالهم [3] ، وكتب لهم بذلك كتابا، وهاك نصه: هذا كتاب محمد رسول الله لبني [1] صحيح البخاري 2/ 608. [2] زاد المعاد 2/ 146، 147. [3] نفس المصدر 2/ 147.