وأما طلحة بن عبيد الله فقد روى النسائي عن جابر قصة تجمع المشركين حول رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار. قال جابر: فأدرك المشركون رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: من للقوم، فقال طلحة: أنا، ثم ذكر جابر تقدم الأنصار، وقتلهم واحدا بعد واحد بنحو ما ذكرنا من رواية مسلم، فلما قتل الأنصار كلهم تقدم طلحة، قال جابر: ثم قاتل طلحة قتال الأحد عشر حتى ضربت يده فقطعت أصابعه، فقال: حسّ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم لو قلت: بسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون، قال: ثم رد الله المشركين [1] . ووقع عند الحاكم في الإكليل أنه جرح يوم أحد تسعا وثلاثين، أو خمسا وثلاثين، وشلت إصبعه، أي السبابة والتي تليها [2] .
وروى البخاري عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت يد طلحة شلاء، وقى بها النبي صلّى الله عليه وسلم يوم أحد [3] .
وروى الترمذي أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال فيه يومئذ: «من ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله» [4] .
وروى أبو داود الطيالسي عن عائشة قالت: كان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد قال: ذلك اليوم كله لطلحة [5] .
وقال فيه أبو بكر أيضا:
يا طلحة بن عبيد الله قد وجبت ... لك الجنان وبوأت المها العينا «6»
وفي ذلك الظرف الدقيق والساعة الحرجة أنزل الله نصره بالغيب، ففي الصحيحين عن سعد. قال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم أحد، ومعه رجلان يقاتلان عنه، عليهما ثياب بيض، كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد. وفي رواية يعني جبريل وميكائيل [7] . [1] فتح الباري 7/ 361، وسنن النسائي 2/ 52، 53. [2] نفس المصدر الأول 7/ 361. [3] صحيح البخاري 1/ 527، 2/ 581. [4] مشكاة المصابيح 2/ 566، ابن هشام 2/ 86. [5] فتح الباري 7/ 361.
(6) مختصر تاريخ دمشق 7/ 82 (من هامش شرح شذور الذهب ص 114) . [7] صحيح البخاري 2/ 580.