وعند العشاء زاد ثقل المرض، بحيث لم يستطع الخروج إلى المسجد. قالت عائشة: فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «أصلى الناس؟» قلنا: لا يا رسول الله، قلنا: لا يا رسول الله، وهم ينتظرونك. قال: «ضعوا لي ماء في المخضب» . ففعلنا، فاغتسل، فذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق، فقال: «أصلى الناس؟» - ووقع ثانيا وثالثا ما وقع في المرة الأولى من الاغتسال ثم الإغماء حينما أراد أن ينوء- فأرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس، فصلى أبو بكر تلك الأيام [1] ؛ 17 صلاة في حياته صلى الله عليه وسلم.
وراجعت عائشة النبيّ صلى الله عليه وسلم ثلاث أو أربع مرات؛ ليصرف الإمامة عن أبي بكر، حتى لا يتشاءم به الناس، فأبى، وقال: «إنكن صواحب يوسف. مروا أبا بكر فليصل بالناس» .
قبل يوم أو يومين
ويوم السبت أو الأحد وجد النبيّ صلى الله عليه وسلم في نفسه خفة، فخرج بين رجلين لصلاة الظهر، وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر، فأومأ إليه بأن لا يتأخر، قال: أجلساني إلى جنبه، فأجلساه إلى يسار أبي بكر، فكان أبو بكر يقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسمع الناس التكبير [2] .
قبل يوم
وقبل يوم من الوفاة- يوم الأحد- أعتق النبيّ صلى الله عليه وسلم غلمانه، وتصدق بسبعة دنانير كانت عنده، ووهب للمسلمين أسلحته، وفي الليل استعارت عائشة الزيت للمصباح من جارتها، وكانت درعه صلى الله عليه وسلم مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من الشعير.
آخر يوم من الحياة
روى أنس بن مالك: أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر يوم الإثنين- وأبو بكر يصلي بهم- لم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم، وهم في صفوف الصلاة، ثم تبسم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه؛ ليصل الصف، وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة. فقال أنس: وهمّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم، فرحا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليهم بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتموا صلاتكم ثم دخل الحجرة وأرخى الستر [3] . [1] صحيح البخاري 1/ 99. [2] صحيح البخاري 1/ 98، 99. [3] نفس المصدر، باب مرض النبيّ صلى الله عليه وسلم 2/ 640.