وفي خيبر حصون وقلاع غير هذه الثمانية، إلا أنها كانت صغيرة لا تبلغ إلى درجة هذه القلاع في مناعتها وقوتها.
والقتال المرير إنما دار في الشطر الأول منها، أما الشطر الثاني فحصونها الثلاثة مع كثرة المحاربين فيها سلمت دونما قتال.
بدء المعركة وفتح حصن ناعم
وأول حصن هاجمه المسلمون من هذه الحصون الثمانية هو حصن ناعم، وكان خط الدفاع الأولى لليهود لمكانه الإستراتيجي، وكان هذا الحصن هو حصن مرحب البطل اليهودي الذي كان يعد بالألف.
خرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالمسلمين إلى هذا الحصن، ودعا اليهود إلى الإسلام، فرفضوا هذه الدعوة، وبرزوا إلى المسلمين ومعهم ملكهم مرحب، فلما خرج إلى ميدان القتال دعا إلى المبارزة. قال سلمة بن الأكوع: فلما أتينا خيبر خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه يقول:
قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فبرز له عمي عامر فقال:
قد علمت خيبر أني عامر ... شاكي السلاح بطل مغامر
فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عمي عامر، وذهب عامر يسفل له، وكان سيفه قصيرا، فتناول به ساق يهودي ليضربه، فيرجع ذباب سيفه، فأصاب عين ركبته فمات منه، وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم «إن له لأجرين وجمع بين إصبعيه، إنه لجاهد مجاهد قل عربي مشى بها مثله [1] » .
ويبدو أن مرحبا دعا بعد ذلك إلى البراز مرة أخرى، وجعل يرتجز بقوله:
قد علمت خيبر أني مرحب ... إلخ
فبرز له علي بن أبي طالب. قال سلمة بن الأكوع: فقال علي:
أنا الذي سمتني أمي حيدره ... كليث غابات كريه المنظره [1] صحيح مسلم باب غزوة خيبر 2/ 122، باب غزوة ذي قرد وغيرها 2/ 115، صحيح البخاري باب غزوة خيبر 2/ 603.