العدنانيون في نجد وأطراف العراق والبحرين، وبقي بأطراف مكة بطون من قريش وهم حلول وحرم، وبيوتات متفرقون في قومهم من بني كنانة، وليس لهم من أمر مكة ولا البيت الحرام شيء حتى جاء قصي بن كلاب [1] .
ويذكر من أمر قصي أن أباه مات وهو في حضن أمه، ونكحت أمه رجلا من بني عذرة- وهو ربيعة بن حرام- فاحتملها إلى بلاده بأطراف الشام، فلما شب قصي رجع إلى مكة، وكان واليها إذ ذاك حليل بن حبشة من خزاعة، فخطب قصي إلى حليل ابنته حبي، فرغب فيه حليل وزوجه إياها [2] فلما مات حليل قامت حرب بين خزاعة وقريش أدت أخيرا إلى تغلب قصي على أمر مكة والبيت.
[روايات في بيان سبب اندلاع الحرب بين خزاعة وقريش]
وهناك ثلاث روايات في بيان سبب هذه الحرب.
الأولى:
أن قصيا لما انتشر ولده وكثر ماله وعظم شرفه وهلك حليل رأى أنه أولى بالكعبة وبأمر مكة من خزاعة وبني بكر، وأن قريشا رؤوس آل إسماعيل وصريحهم، فكلم رجالا من قريش وبني كنانة في إخراج خزاعة وبني بكر عن مكة فأجابوه [3] .
الثانية:
أن حليلا- فيما تزعم خزاعة- أوصى قصيا بالقيام على الكعبة وبأمر مكة» .
الثالثة:
أن حليلا أعطى ابنته حبى ولاية البيت، واتخذ أبا غبشان الخزاعي وكيلا لها، فقام أبو غبشان بسدانة الكعبة نيابة عن حبى، فلما مات حليل اشترى قصي ولاية البيت من أبي غبشان بزق من الخمر، ولم ترض خزاعة بهذا البيع، وحاولوا منع قصي عن البيت، فجمع قصي رجالا من قريش وبني كنانة لإخراج خزاعة من مكة، فأجابوه.
وأيا ما كان، فلما مات حليل وفعلت صوفة ما كانت تفعل أتاهم قصي بمن معه من قريش وكنانة عند العقبة فقال: نحن أولى بهذا منكم، فقاتلوه فغلبهم قصي على ما كان بأيديهم، وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصي، فبدأهم قصي، وأجمع لحربهم، [1] محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية للخضري 1/ 35، وابن هشام 1/ 117. [2] ابن هشام 1/ 117- 118. [3] نفس المصدر 1/ 117- 118.
(4) نفس المصدر 1/ 188.