responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدعوة الإسلامية في عهدها المكي مناهجها وغاياتها المؤلف : رؤوف شلبي    الجزء : 1  صفحة : 3
وفي زيارة لي لجزيرة بينانج pinang بماليزيا الغربية زرت معبدا لابن الإله سيفا وسألت الحارس: معبد من هذا؟ فقال لي: معبد ابن الإله سيفا. فقلت له: وأين أبوه؟ قال لي: إنه تحت هناك أسفل الجبل. فقلت له: ولم تركه أبوه؟ ألم يخشى عليه صعود الجبل؟ ألا يخشى أن تأكله الثعابين؟ أو أن يضربه الأطفال؟ فنظر إلي الرجل ونام، فقلت له: هل تعلم لماذا مات ابن الإله سيفا؟ قال: لا. قلت له: لأن الأطفال ضربوه على رأسه بعرف شجرة الرمبوتان.
هل تترك العقائد هكذا يعبث بها البشر. آلهة تصنع من الحجارة، وخرافات تنظم عقائد، وفلسفة تقدس البشر، ومصالح شخصية تجعل الأسطورة دينا.
لقد كانت الرسالة الإسلامية ذات أهمية خاصة لتصحح مسار الاتجاه الديني في البشرية بعد أن ضلت طريقها إلى العقيدة الصحيحة والإيمان المستقيم.
وكذلك كان لا بد من مجيء الدعوة الإسلامية لتضع ميزانا كريما للأخلاق.
فهل ستظل الأخلاق موجة بالمبدأ الشخصي عند السفوسطائية؟ ذلك المبدأ الأناني الذي يثير الفوضى في كل اتجاه.
أو بمبدأ المعرفة دون احترام لبقية مكونات الإنسان وظروف حياته؟
أو ميزانها الوسط وما هو المعيار في معرفة هذا الوسط وهل الميزان في الفضيلة المجردة واحتقار الحياة وأساليبها؟
أو هل المعيار هو اللذة والمنفعة سواء كانت قريبة أو بعيدة خاصة أو عامة؟

ولقد رسم القرآن الكريم شروط هذه السعادة فيما بينه من قوانين تتعلق بالحياة السلوكية للفرد والأسرة والجماعة، لقد بينها الوحي بالتعبير الإلهي، في دقته وروعته، وجلاله، وبينها الرسول الكريم في تطبيق واضح وسلوك نقي وسنة مطهرة، وإذن فالدعوة الإسلامية هي مناط السعادة للناس جميعا: أفراد وأسر وجماعات ودول.
لقد ظهرت الدعوة الإسلامية في مجتمع تعج فيه الآراء الدينية، والتقاليد البشرية، فكانت الدعوة هي البلسم الشافي.
إنه في الآونة التي كانت الآراء الدينية تتصارع في جزيرة العرب قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدعوته, وهي دعوة ربانية لم تنشأ عن تفكير إنساني شخصي، ولكنها وحي الله المعصوم, وهي معصومة لأنها وحي, إنها معصومة عن التخبط والهوى في الرأي, ومعصومة عن ضلالات الأوهام ومتاهات الخيال وانزلاق التفكير.
وأساس هذه الدعوة هو القرآن الكريم؛ إنه حبل الله المتين, والنور المبين, والشفاء النافع, وهو عصمة لمن تمسك به, ونجاة لمن اتبعه، لا يزيع من استمسك به ولا تنقضي عجائبه, ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد.
والدعوة الإسلامية بهذا القرآن الكريم تحمل في طياتها قيمتها الذاتية، وذلك سر انتشارها وسيادتها.
إنها تمتاز عن النصرانية المنتشرة -إذ ذاك- بنظام اقتصادي خلت منه الأنانية وبمنطق عقلي لا يوجد فيما كان من مأثور حنيذاك

اسم الکتاب : الدعوة الإسلامية في عهدها المكي مناهجها وغاياتها المؤلف : رؤوف شلبي    الجزء : 1  صفحة : 3
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست