responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 85
ظَهْرِهِمْ [إِبِلِهِمْ] فَأَلْفَوْا رَجُلا مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهُ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ. فَحَمَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ، وَبَعَثَ مَعَهُ غُلامًا لَهُ يُقَالُ لَهُ مَسْعُودُ بْنُ هُنَيْدَةَ ليَرُدهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَاحْتَمَلُوا[1] إِلَى بَطْنِ رِئْمٍ حَتَّى نَزَلُوا بِقُبَاءَ، وَذَلِكَ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ ضُحًى وَقَدْ قِيلَ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ وَذَلِكَ لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ*.
وَأَوَّلُ مَنْ رَآهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، وَكَانَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَدْ خَرَجُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ وَقَلَصَتِ الظِّلالُ وَاشْتَدَّ الْحَرُّ يَئِسُوا مِنْهُ فَانْصَرَفُوا. وَرَآهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ وَكَانَ فِي نَخْلٍ[2] لَهُ فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: با بَنِي[3] قَيْلَةَ هَذَا جَدُّكُمْ قَدْ جَاءَ -يَعْنِي حَظَّكُمْ- فَخَرَجُوا وَتَلَقَّوْهُ وَدَخَلَ مَعَهُمُ الْمَدِينَةَ. فَقِيلَ إِنَّهُ نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ، وَقِيلَ إِنَّهُ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهَدْمِ، وَنَزَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى خُبَيْبِ بْنِ إِسَافٍ وَقِيلَ: بَلْ نَزَلَ عَلَى خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ وَكِلاهُمَا من بني الْحَارِث بْن الْخَزْرَج. وَكَانَ فِيمَنْ خَرَجَ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِ وَكَانَ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلِمْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا سَمِعْتُ مِنْهُ: "أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ".
وَأَقَامَ عَلِيٌّ بِمَكَّةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ بِأَمْرِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَدَّى وَدَائِعَ كَانَتْ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِأَدَائِهَا إِلَى أَهْلِهَا ثُمَّ يَلْحَقُ بِهِ، فَفَعَلَ عَلِيٌّ ذَلِكَ، ثُمَّ لَحِقَ بِالْمَدِينَةِ، فَنَزَلَ مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبَاءٍ. فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامًا[4]، وَأَسَّسَ مَسْجِدهَا[5] وَهُوَ

= الشّعْر لَطِيفَة عَجِيبَة، وَهِي قَوْله: رَفِيقَيْنِ، وَكَانُوا ثَلَاثَة، وَلكنه أسقط ذكر الدَّلِيل، لِأَنَّهُ كَانَ كَافِرًا لم يدْخل فِي الدعْوَة. وَالله أعلم. وَقيل إِن شَاة أم معبد هَذِه استمرت بِهَذِهِ الصّفة، واستقرت فِيهَا الْبركَة. سُئِلَ بعض الصَّحَابَة فَقيل لَهُ: ترى أستمرت شَاة أم معبد على هَذَا؟ فَقَالَ: نعم أَنا رَأَيْتهَا تأدم أم معبد والصرم "الْحَيّ" الَّذِي هِيَ فِيهِ بجملتهم. وَالله أعلم. [وَانْظُر فِي هَذَا الحَدِيث ابْن سعد ج1 ق1 ص155] .
[1] احتملوا: رحلوا.
* وَقد قيل غير ذَلِك على مَا ذكر ابْن عبد الْبر فِي صدر كتاب الصَّحَابَة "انْظُر الِاسْتِيعَاب ص13".
[2] ذكر بعض أَصْحَاب السّير أَنه كَانَ على سطح أطمه "حصنه".
[3] بَنو قيلة: هم الْأَوْس والخزرج.
[4] اخْتلف الروَاة فِي عدد الْأَيَّام الَّتِي أَقَامَهَا الرَّسُول فِي قبَاء حَيْثُ لحق بِهِ عَليّ، فَقيل أَرْبَعَة وَقيل أَرْبَعَة عشر، وَقيل اثْنَان وَعِشْرُونَ.
[5] مَسْجِدهَا: أَي مَسْجِد قبَاء.
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 85
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست