responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 62
[ذكر خُرُوج الرَّسُول إِلَى الطَّائِف وعودته إِلَى مَكَّة] 1
قَالَ الْفَقِيه أَبُو عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:
وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفسه فِي تِلْكَ السنين على الْقَبَائِل ليمنعوه، حَتَّى يبلغ رسالات ربه، وَلم يقبله أحد مِنْهُم، وَكلهمْ كَانَ يَقُول لَهُ: قومه أعلم بِهِ، وَكَيف يُصْلِحنَا من أفسد قومه؟ وَكَانَ ذَلِك مِمَّا ذخره اللَّه عز وَجل للْأَنْصَار وَأكْرمهمْ بِهِ. فَلَمَّا مَاتَ أَبُو طَالب اشْتَدَّ الْبلَاء على رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعمد لثقيف رَجَاء أَن يؤووه، فَوجدَ ثَلَاثَة نفر، هم سادة ثَقِيف، وهم إخوةٌ: عَبْدُ[2] يَالَيْلَ بْنُ عَمْرٍو، وَحَبِيبُ بْنُ عَمْرٍو، وَمَسْعُودُ بْن عَمْرٍو، فَعرض عَلَيْهِم نَفسه، وأعلمهم بِمَا لَقِي من قومه، فَقَالَ أحدهم: أَنا أسرق[3] ثِيَاب الْكَعْبَة إِن كَانَ اللَّه بَعثك بِشَيْء قطّ، وَقَالَ الآخر: أعجز اللَّه أَن يُرْسل غَيْرك؟ وَقَالَ الثَّالِث: لَا أُكَلِّمك بعد مجلسك هَذَا، لَئِن كنت رَسُول اللَّه لأَنْت أعظم حَقًا من أَن أُكَلِّمك، وَلَئِن كنت تكذب على اللَّه لأَنْت شَرّ من أَن أُكَلِّمك وهزئوا بِهِ. وأفشوا فِي قَومهمْ مَا راجعوه بِهِ، وأقعدوا لَهُ صفّين[4]، فَلَمَّا مر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَينهمَا[5] جعلُوا لَا يرفع رجلا وَلَا يضع رجلا إِلَّا رضخوها[6] بحجارة، قد كَانُوا أعدوها، حَتَّى أدموا رجلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فخلص مِنْهُم وَعمد إِلَى حَائِط[7] من حوائطهم، فاستظل فِي ظلّ نَخْلَة مِنْهُ، وَهُوَ مكروب تسيل قدماه بالدماء، وَإِذا فِي

1 انْظُر فِي خُرُوج الرَّسُول إِلَى الطَّائِف ابْن هِشَام 3/ 60 وَابْن سعد ج1 ق1 ص141 والطبري 2/ 344 وَابْن كثير 3/ 135 والنويري 16/ 279 وَابْن حزم ص67 وَابْن سيد النَّاس 1/ 134 والسيرة الحلبية 1/ 471. وَكَانَ هَذَا الْخُرُوج فِي لَيَال بَقينَ من شَوَّال سنة عشر من النُّبُوَّة.
[2] ياليل: صنم أضيف إِلَيْهِ مثل عبد يَغُوث وَعبد مَنَاة. وَكَانَت عِنْد أحد هَؤُلَاءِ الْإِخْوَة امْرَأَة من قُرَيْش من بني جمح، وَلَعَلَّه لذَلِك اخْتَار الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقاءهم والْحَدِيث إِلَيْهِم ودعوتهم إِلَى الْإِسْلَام.
[3] عبارَة ابْن هِشَام نقلا عَن ابْن إِسْحَاق: هُوَ يمرط ثيات الْكَعْبَة أَن يَنْزِعهَا وَيَرْمِي بهَا.
[4] عبارَة ابْن سيد النَّاس نقلا عَن مُوسَى بن عقبَة: واقعدوا لَهُ صفّين فِي طَرِيقه.
[5] فِي ابْن سيد النَّاس: بَين صفيهم.
[6] رضخوها: دقوها ورموها.
[7] الْحَائِط: الْبُسْتَان عَلَيْهِ جِدَار.
8 فِي ابْن هِشَام وَابْن سيد النَّاس: حبلة بِفَتْح الْبَاء، وَهِي شَجَرَة الْعِنَب.
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 62
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست