responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 60
شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي قُرَادَةَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ[1]: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ، فَلْيَقُمْ مَعِي رَجُلٌ لَيْسَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ غِشٍّ" قَالَ: فَقُمْتُ وَمَعِي إِدَاوَةٌ، وفيهَا نبيد قَالَ: فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَضَيْتُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ، فَخَطَّ عَلَيَّ خِطَّةً، ثُمَّ قَالَ: "إِنْ خَرَجْتَ مِنْهَا لَمْ تَرَنِي وَلَمْ أَرَكَ". قَالَ: وَمَضَى حَتَّى تَوَارَى عَنِّي، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ جَاءَ فَوَجَدَنِي قَائِمًا، فَقَالَ: "مَا شَأْنُكَ قَائِمًا؟ " قُلْتُ: خَشِيتُ أَنْ لَا تَرَانِي وَلا أَرَاكَ أَبَدًا. قَالَ: "مَا ضَرَّكَ لَوْ قَعَدْتَ" وَقَالَ: "مَا هَذَا مَعَكَ؟ " قُلْتُ: نَبِيذٌ. قَالَ: "هَاتِ، ثَمَرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ" فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، وَقُمْتُ مَعَهُ وَخَلْفَهُ رَجُلانِ مِنَ الْجِنِّ. فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ أَقْبَلا عَلَيْهِ يَسْأَلانِهِ فَقَالَ: "مَا شَأْنُكُمَا؟ أَلَمْ أَقْضِ لَكُمَا وَلِقَوْمِكُمَا حَوَائِجَكُمْ؟ " [2] قَالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْنَا أَنْ يَشْهَدَ مَعَكَ الصَّلاةَ بَعْضُنَا، فَقَالَ: "فَمَنْ أَنْتُمَا؟ " قَالا: مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ، قَالَ: "أَفْلَحَ هَذَانِ وأفلح قومهما". ثُمَّ سَأَلا الْمُبَاحَ، فَقَالَ: $"الْعَظْمُ مُبَاحٌ لَكُمْ، وَالرَّوَثُ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ". قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: وَإِنَّهُمَا لَيَجِدَانِهِمَا أَعْظَمَ مَا كَانَ وَأَطْرَاهُ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَذَا الْخَبَرُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُتَوَاتِرٌ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى حِسَانٍ كُلِّهَا إِلا حَدِيثَ أَبِي زَيْدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ، فَإِنَّ أَبَا زيد مَجْهُول لَا يعرف فِي أَصْحَاب ابْن مَسْعُود[3] وَيَكْفِي من ذكر الْجِنّ مَا فِي سُورَة الرَّحْمَن وَسورَة {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} وَمَا جَاءَ فِي الْأَحْقَاف: قَوْله: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنّ يَسْتَمِعُون الْقُرْآن ... } الْآيَات. وَفِي خبر عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: وددت أَن أكون مَعَه لَيْلَة

[1] روى ابْن سيد النَّاس هَذَا الحَدِيث بِلَفْظ مقارب، انْظُر 1/ 137 وراجع فِيهِ سنَن أبي دَاوُد "طبعة لكهنو سنة 1305" 1/ 12.
[2] هَكَذَا فِي ر، وَفِي الأَصْل: بِحكم.
[3] روى الزَّمَخْشَرِيّ الحَدِيث الأول عَن ابْن مَسْعُود وَذكر عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَالَ: مَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم على الْجِنّ وَلَا رَآهُمْ. وَإِنَّمَا كَانَ يَتْلُو فِي صلَاته، فَمروا بِهِ، فوقفوا مُسْتَمِعِينَ وَهُوَ لَا يشْعر، فَأَنْبَأَهُ الله بِاسْتِمَاعِهِمْ. انْظُر تَفْسِير الزَّمَخْشَرِيّ فِي سُورَة الْأَحْقَاف "طبعة المطبعة الْكُبْرَى الأميرية سنة 1319 هـ" 3/ 102 وَيُؤَيِّدهُ -كَمَا لاحظ ابْن عبد الْبر- ظَاهر آيَة {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نفر من الْجِنّ} وآيات الْأَحْقَاف، أما مَا يُشِير إِلَيْهِ من سُورَة الرَّحْمَن فَهُوَ مَا جَاءَ فِيهَا مِمَّا يدل على أَن الْجِنّ مكلفون وَأَنَّهُمْ يثابون على أَعْمَالهم، وسيعرض لذَلِك الْمُعَلق على الْكتاب عَمَّا قَلِيل.
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 60
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست