responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 265
ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ رَمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي، حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ. فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ طَوَافٍ عَلَى الْمَرْوَةِ قَالَ: "لَوْ أَنِّي [1] اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ [مِنْكُمْ [2]] لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُحِلَّ [3] وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً" فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلا النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ. فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْثُمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلأَبَدِ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ أَصَابِعِهِ[4] ثُمَّ قَالَ: "دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ -مَرَّتَيْنِ- لَا، بَلْ لأَبَدِ الأَبَدِ" [5]. قَالَ: وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنٍ إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمَّنْ حَلَّ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا، وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا. فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ: فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُول اللَّه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ، لِلَّذِي صَنَعَتْ، مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ، وَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: "صَدَقَتْ صَدَقَتْ" ثُمَّ قَالَ: "مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ [6] الْحَجَّ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ، قَالَ: "فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلا تَحِلَّ". قَالَ: فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وَالَّذِي أَتَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ الْمَدِينَةِ مِائَةً. قَالَ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلا النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ[7] تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى، فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ. وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهَا[8] الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ[9]. ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلا، حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ. وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ[10]. فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[1] فِي ر: إِنِّي لَو.
[2] زِيَادَة من ر وَمُسلم.
[3] حل من إِحْرَامه يحل بِكَسْر الْحَاء، وَأحل: خرج.
[4] فِي مُسلم: فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَصَابِعه وَاحِدَة فِي الْأُخْرَى.
[5] فِي مُسلم: بل لأبد أَبَد.
[6] فرضت الْحَج: نَوَيْت الْقيام بِفَرِيضَتِهِ.
[7] هُوَ الْيَوْم الثَّامِن من ذِي الْحجَّة، وَفِيه يحرم من كَانَ بِمَكَّة، وواضح أَنه أحرم بِهِ من كَانُوا أحلُّوا.
[8] هَكَذَا فِي مُسلم، وَفِي الأَصْل ور: بِنَا.
[9] فِي مُسلم: وَالْفَجْر.
[10] نمرة: مَوضِع بِجنب عَرَفَات.
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 265
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست