responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 194
حِينَئِذٍ الْمُسلمين للمبايعة على الْحَرْب والقتال لأهل مَكَّة. وَرُوِيَ أَنه بايعهم على أَن لَا يَفروا. وَهِي بيعَة الرضْوَان تَحت الشَّجَرَة[1] الَّتِي أخبر اللَّه عز وَجل أَنه رَضِي عَن الْمُبَايِعين لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحتهَا[2]، وَأخْبر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنهم لَا يدْخلُونَ النَّار. وَضرب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَمِينِهِ على شِمَاله لعُثْمَان [وَقَالَ[3]: "هَذِه عَن عُثْمَان"] فَهُوَ كمن شَهِدَهَا.
ذكر وَكِيع، عَن إِسْمَاعِيل بْن أبي خَالِد، عَن الشّعبِيّ، قَالَ: أول من بَايع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة أَبُو سِنَان الْأَسدي. وَذكر ابْن هِشَام عَن وَكِيع. كَانَت قُرَيْش قد جَاءَ مِنْهُم نَحْو سبعين أَو ثَمَانِينَ رجلا للإيقاع بِالْمُسْلِمين وانتهاز الفرصة فِي أَطْرَافهم، فَفطن الْمُسلمُونَ لَهُم فَخَرجُوا، فَأَخَذُوهُمْ أسرى. وَكَانَ ذَلِك والسفراء يَمْشُونَ بَينهم فِي الصُّلْح. فَأَطْلَقَهُمْ رَسُول اللَّه، فهم الَّذين يسمون العتقاء، وإليهم ينْسب العتقيون فيمَ يَزْعمُونَ، وَمِنْهُم مُعَاوِيَة وَأَبوهُ فِيمَا ذكرُوا.
فَلَمَّا تمّ الصُّلْح بَين رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَين أهل مَكَّة الَّذِي تولى عقده لَهُم سُهَيْل بْن عَمْرو على مَا ذكرُوا، أَمَرَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -الْمُسلمين أَن ينحروا ويحلوا. فَفَعَلُوا بعد توقف كَانَ بَينهم أغضب رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: "لَو نحرت لنحروا". فَنحر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَدْيه، فنحروا بنحره. وَحلق رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأسه، ودعا للمحلقين ثَلَاثًا وللمقصرين وَاحِدَة[4]. قيل إِن الَّذِي حلق رَأسه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ خرَاش بْن أُميَّة بْن الْفضل الْخُزَاعِيّ.
ثمَّ رَجَعَ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَة، فَأَتَاهُ أَبُو بَصِير بْن أسيد بْن جَارِيَة الثَّقَفِيّ حَلِيف لبني زهرَة هَارِبا من مَكَّة مُسلما، وَكَانَ مِمَّن حبس بِمَكَّة مَعَ الْمُسلمين، فَبعث فِيهِ الْأَزْهَر بْن [عَبْد] [5] عَوْف عَم عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف والأخنس بن شريق الثَّقَفِيّ رجلا

[1] كَانَت شَجَرَة طلح وَهِي السمرَة.
[2] وَذَلِكَ قَوْله عز وَجل: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايعُونَك تَحت الشَّجَرَة} .
[3] زِيَادَة من بعض المصادر. "انْظُر ابْن حزم ص210".
[4] عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس: حلق رجال يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَقصر آخَرُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "يرحم الله المحلقين" قَالُوا: يَا رَسُول الله والمقصرين؟ قَالَ: "يرحم الله المحلقين" قَالُوا: يَا رَسُول الله والمقصرين؟ قَالَ: "يرحم الله المحلقين" قَالُوا والمقصرين: قَالَ: "يرحم الله الْمُقَصِّرِينَ".
[5] زِيَادَة من ر والاستيعاب وَغَيره.
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 194
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست