responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 178
غَزْوَة [1] بني قُرَيْظَة
فَخرج الْمُسلمُونَ مبادرين إِلَى بني قُرَيْظَة، فطائفة خَافُوا فَوَات الْوَقْت فصلوا وَطَائِفَة قَالُوا: وَالله لَا صلينَا الْعَصْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة، فبذلك أمرنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثمَّ علم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باجتهادهم، فَلم يعنف وَاحِدًا مِنْهُم*.
وَأعْطى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّايَة عَليّ بْن أبي طَالب، واستخلف على الْمَدِينَة ابْن أم مَكْتُوم. ونهض عَليّ وَطَائِفَة مَعَه حَتَّى أَتَوا بني قُرَيْظَة ونازلوهم وسمعوا سبّ رَسُول الله فَانْصَرف عَليّ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُول اللَّه لَا تبلغ إِلَيْهِم وَعَرَّضَ لَهُ. فَقَالَ لَهُ: "أَظُنُّكَ سَمِعْتَ مِنْهُمْ شَتْمِي، لَوْ رَأَوْنِي لَكَفُّوا عَنْ ذَلِكَ". ونهض إِلَيْهِم، فَلَمَّا رَأَوْهُ أَمْسكُوا، فَقَالَ لَهُم: "نقضتم الْعَهْد يَا إخْوَة القرود، أخزاكم اللَّه وَأنزل بكم نقمته"، فَقَالُوا: مَا كنت جَاهِلا يَا مُحَمَّد فَلَا تجْهَل[2] علينا.
وَنزل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَاصَرَهُمْ بضعا[3] وَعشْرين لَيْلَة، وَعرض عَلَيْهِم سيدهم كَعْب بْن أَسد ثَلَاث خِصَال ليختاروا أَيهَا شَاءُوا: إِمَّا أَن يسلمُوا ويتبعوا مُحَمَّدًا على مَا جَاءَ بِهِ فيسلموا، قَالَ: وتحرزوا أَمْوَالكُم ونساءكم وأبناءكم فوَاللَّه إِنَّكُم لتعلمون أَنه الَّذِي تجدونه فِي كتابكُمْ. وَإِمَّا أَن يقتلُوا أَبْنَاءَهُم ونساءهم ثمَّ يتقدموا فيقاتلوا حَتَّى يموتوا عَن آخِرهم. وَإِمَّا أَن يبيتوا[4] الْمُسلمين لَيْلَة السبت فِي حِين طمأنينتهم فيقتلوهم قتلا، فَقَالُوا لَهُ: أما الْإِسْلَام فَلَا نسلم وَلَا نخالف حكم التَّوْرَاة، وَأما قتل أَبْنَائِنَا ونسائنا فَمَا جزاؤهم الْمَسَاكِين منا أَن نقتلهم، وَنحن لَا نتعدى [فِي] السبت.

[1] انْظُر فِي غَزْوَة بني قُرَيْظَة ابْن هِشَام 3/ 244 والواقدي 371 وَابْن سعد ج2 ق1ص53 وأنساب الْأَشْرَاف 1/ 167 وَالْبُخَارِيّ 5/ 111 وتاريخ الطَّبَرِيّ 2/ 581 وَابْن حزم ص191 وَابْن سيد النَّاس 2/ 68 وَابْن كثير 4/ 116 والنويري 17/ 186 والسيرة الحلبية 2/ 427.
* قلت: فِيهِ دَلِيل على أَن كل مُجْتَهد مُصِيب، لِأَنَّهُ سوى بَين الطَّائِفَتَيْنِ، وَلَو كَانَت إِحْدَاهمَا أَصَابَت وَالْأُخْرَى أَخْطَأت لفضل أهل الصَّوَاب، وَإِن لم يعنف أهل الْخَطَأ. "انْظُر فِي ذَلِك الرَّوْض الْأنف 2/ 195".
[2] الْجَهْل هُنَا بِمَعْنى النزق والسفه أَي ضد الْحلم.
[3] قيل خمْسا وَعشْرين لَيْلَة.
[4] يبيتونهم: يأتونهم لَيْلًا.
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 178
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست