responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 106
ابْن أبي طَالب، فَقتل اللَّه عتبَة وَشَيْبَة والوليد وَسَلِمَ حَمْزَة وَعبيدَة وَعلي، إِلَّا أَن عُبَيْدَة ضربه عتبَة فَقطع رجله وَارْتُثَّ[1] مِنْهَا فَمَاتَ بالصفراء. وَعَدَّلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّفُوف، وَرجع إِلَى الْعَريش وَمَعَهُ أَبُو بكر، وَسَائِر أَصْحَابه بارزون لِلْقِتَالِ، إِلَّا سعد بن[2] معَاذ فِي قوم من الْأَنْصَار فَإِنَّهُم كَانُوا وقوفا على بَاب الْعَريش يحْمُونَ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَكَانَ أول قَتِيل قتل من الْمُسلمين مهجع[3] مولى عمر بْن الْخطاب أَصَابَهُ سهم فَقتله. وَسمع عُمَيْر بْن الْحمام رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحث على الْقِتَال ويرغب فِي الْجِهَاد وَيُشَوِّقُ إِلَى الْجنَّة وَفِي يَده تمرات يأكلهن فَقَالَ: بخ بخ أما بيني وَبَين أَن أَدخل الْجنَّة إِلَّا أَن يقتلني هَؤُلَاءِ. ثمَّ رمى بالتمرات وَقَاتل حَتَّى قتل.
ثمَّ منح اللَّه عز وَجل الْمُسلمين النَّصْر وَهزمَ الْمُشْركين. وَانْقطع يَوْمئِذٍ سيف عكاشة بْن مُحصن، فَأعْطَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جذلا من حطب، وَقَالَ لَهُ: "دُونك هَذَا"، فَصَارَ فِي يَده سَيْفا لم يكد النَّاس يرَوْنَ مثله أَبيض كالملح. فَلم يزل عِنْده يُقَاتل بِهِ حَتَّى قتل فِي الرِّدَّة، رَضِي اللَّه عَنهُ.
وَكَانَت وقْعَة بدر يَوْم الْجُمُعَة لسبع عشرَة لَيْلَة خلت من رَمَضَان.
ثمَّ أَمر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتلى الْمُشْركين، فسحبوا إِلَى القليب ورموا فِيهِ وَضم[4] عَلَيْهِم التُّرَاب، ثمَّ وقف عَلَيْهِم فناداهم: "هَل وجدْتُم مَا وَعدكُم ربكُم حَقًا؟ فَإِنِّي قد وجدت مَا وَعَدَني رَبِّي حَقًا" فَقيل لَهُ: يَا رَسُول اللَّه تنادي أَقْوَامًا أَمْوَاتًا قد جَيَّفُوا؟ فَقَالَ: "مَا أَنْتُم بأسمع مِنْهُم وَلَكِن لَا يجيبون". وَمن هَذَا الْمَعْنى قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَيِّت إِذا دفن وَانْصَرف النَّاس عَنهُ: "إِنَّه ليسمع خَفق نعَالهمْ إِذا ولوا عَنهُ مُدبرين".
وَجعل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الْأَنْفَال[5] عَبْد اللَّهِ بْن كَعْب بْن عَمْرو الْأنْصَارِيّ. ثمَّ

[1] ارتث: حمل من المعركة جريحا.
[2] وَاضح أَن سعد بن معَاذ كَانَ يَوْمئِذٍ من حرس الرَّسُول فِي الْعَريش، وَإِذن فَمَا سبق من أَن لِوَاء الْأَنْصَار كَانَ مَعَه فِي تِلْكَ الْغَزْوَة يحْتَاج إِلَى شَيْء من التَّوَقُّف. وَرُبمَا حمله فِي الْمسير لَا فِي الْغَزْوَة نَفسهَا، فقد كَانَ فِيهَا يحرس رَسُول الله قَائِما على الْعَريش خشيَة أَن يكر الْعَدو عَلَيْهِ.
[3] قَالَ ابْن سعد: كَانَ أول من جرح من الْمُسلمين مهجع مولى عمر بن الْخطاب، وَكَانَ أول قَتِيل قتل من الْأَنْصَار حَارِثَة بن سراقَة وَيُقَال عُمَيْر بن الْحمام.
[4] فِي ابْن حزم: وطم عَلَيْهِم التُّرَاب.
[5] الْأَنْفَال: الْغَنَائِم.
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 106
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست