اسم الکتاب : أعلام النبوة المؤلف : الماوردي الجزء : 1 صفحة : 212
مكة سمعت عزفا بالدفوف والمزامير فقلت ما هذا قالوا فلان بن فلان تزوج فلانة ابنة فلان فجلست أنظر إليهم فضرب الله على أذني فنمت فما أيقظني إلّا مس الشمس، قال فجئت صاحبي، فقال ما فعلت، فقلت: ما صنعت شيئا وأخبرته الخبر، قال ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك، فقال افعل، فخرجت فسمعت حين جئت مكة مثل ما سمعت ودخلت مكة تلك الليلة فجلست أنظر فضرب الله على أذنيّ فوالله ما أيقظني إلّا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فأخبرته الخبر، ثم ما هممت بعدهما بسوء حتى أكرمني الله برسالته» . فهذه أحوال عصمته قبل الرسالة، وصده عن دنس الجهالة، فاقتضى أن يكون بعد الرسالة أعظم ومن الأدناس أسلم وكفى بهذه الحال أن يكون من الأصفياء الخيرة أن أمهل ومن الأتقياء البررة أن أغفل ومن أكبر الأنبياء عند الله تعالى من أرسل مستخلص الفطرة على النظرة، وقد أرسله الله تعالى بعد الاستخلاص وطهره من الأدناس فانتفت عنه تهم الظنون وسلم من ازدراء العيون ليكون الناس إلى إجابته أسرع وإلى الانقياد له أطوع.
شبابه صلى الله عليه وسلم
ولما نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في قريش على أحمد هدى وصيانة وأكمل عفاف وأمانة سمّوه الأمين بعد اختباره وقدموه لفضله ووقاره، وتشاوروا في هدم الكعبة وبنائها لقصر سمكها وكان فوق القامة وسعة حيطانها وكان يتهافت، فأرادوا تجديدها وتعليتها وخافوا من الإقدام على هدمها وكان للكعبة كنز وجدوه عند دويك مولى لبني مليح من خزاعة وأخذته قريش منه وقطعت يده واتهموا به الحرث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف أن يكون قد تولى أخذه وأودعه عند دويك، فنافروه إلى كاهنة من كهان العرب فسجعت عليه من كهانتها أن لا يدخل مكة عشر سنين بما استحل من حرمة الكعبة، فكان يجول حول مكة حتى استوفى العشر، وكان يظهر في الكعبة حية يخاف الناس منها لا يدنو منها أحد إلّا اخزألت وفتحت فاها فتوقوها إلى أن علت ذات يوم على جدار الكعبة فسقط طائر فاختطفها.
اسم الکتاب : أعلام النبوة المؤلف : الماوردي الجزء : 1 صفحة : 212