اسم الکتاب : نداءات الرحمن لأهل الإيمان المؤلف : الجزائري، أبو بكر الجزء : 1 صفحة : 7
النداء الأول: في الأدب مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
الآية (104) من سورة البقرة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
الشرح:
هذا نداء الله تعالى لعباده المؤمنين، ناداهم بعنوان الإيمان؛ لأن المؤمن حي بإيمانه، يسمع ويعقل ويقدر على الفعل والترك بخلاف الكافر، فإنه لا يسمع ولا يعقل ولا يفعل إن أمر، ولا يترك إن نهي، واعلم أيها القارئ لهذا النداء أن الله تعالى إذا نادى عباده المؤمنين إنما يناديهم ليأمرهم بما فيه سعادتهم وكمالهم، أو لينهاهم عما فيه شقاؤهم ونقصانهم أو ليبشرهم، أو ينذرهم، أو ليعلمهم ما ينفعهم، ولنستمع إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقد قال له رجل: اعهد إلى يا عبد الله، فقال له: إذا سمعت الله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فأعرها سمعك فإنه خير يؤمر به أو شر ينهى عنه. وقد نادى الله تعالى عباده المؤمنين في هذه الآية لينهاهم عن كلمة راعنا، ويرشدهم إلى كلمة انظرنا؛ وذلك لأن المنافقين من اليهود كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم راعنا وهى في لغتهم العبرية بمعنى الاستهزاء والسخرية، فكانوا بذلك يستهزؤون بالرسول صلى الله عليه وسلم ويسخرون منه، والاستهزاء بالرسول والسخرية منة كفر، فنهى الله تعالى المؤمنين أن يقولوا للرسول صلى الله عليه وسلم إذا جلسوا إليه يتعلمون الكتاب والحكمة راعنا وليقولوا بدلها وهى في العربية بمعناها أنظرنا بمعنى أمهلنا، ولا تعجل علينا حتى نحفظ أو نفهم ما تقول لنا. وأمرهم بالإصغاء والسماع عند تلقي العلم والمعرفة والتأدب في ذلك. وأعلمهم أن للكافرين وهم المستهزؤون برسول الله صلى الله عليه وسلم والساخرون منه من اليهود وغيرهم عذابا أليما أي شديدا موجعا، وقد ينالهم في الدنيا فبل الآخرة، وفى هذه الآية
اسم الکتاب : نداءات الرحمن لأهل الإيمان المؤلف : الجزائري، أبو بكر الجزء : 1 صفحة : 7