responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 40
وَأَمَّا دَوَامُ الْقِيَامِ: فَإِنَّهُ تَنْبِيهٌ عَلَى إِقَامَةِ الْقَلْبِ مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَعْتٍ وَاحِدٍ مِنَ الْحُضُورِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُقْبِلٌ عَلَى الْمُصَلِّي مَا لَمْ يَلْتَفِتْ» وَكَمَا تَجِبُ حِرَاسَةُ الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَى الْجِهَاتِ فَكَذَلِكَ تَجِبُ حِرَاسَةُ السِّرِّ عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَى غَيْرِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا الْتَفَتَ إِلَى غَيْرِهِ فَذَكِّرْهُ بِاطِّلَاعِ اللَّهِ عَلَيْكَ وَبِقُبْحِ التَّهَاوُنِ بِالْمُنَاجَى عِنْدَ غَفْلَةِ الْمُنَاجِي لِيَعُودَ إِلَيْهِ، وَالْزَمِ الْخُشُوعَ لِلْقَلْبِ فَإِنَّ الْخَلَاصَ عَنِ الِالْتِفَاتِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا ثَمَرَةُ الْخُشُوعِ، وَمَهْمَا خَشَعَ الْبَاطِنُ خَشَعَ الظَّاهِرُ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ رَأَى رَجُلًا مُصَلِّيًا يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ -: «أَمَّا هَذَا لَوْ خَشَعَ قَلْبُهُ لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ فَإِنَّ الرَّعِيَّةَ بِحُكْمِ الرَّاعِي» وَلِهَذَا وَرَدَ فِي الدُّعَاءِ «اللَّهُمَّ أَصْلِحِ الرَّاعِيَ وَالرَّعِيَّةَ» وَهُوَ الْقَلْبُ وَالْجَوَارِحُ.

وَأَمَّا الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ: فَيَنْبَغِي أَنْ تُجَدِّدَ عِنْدَهُمَا ذِكْرَ كِبْرِيَاءِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَرْفَعَ يَدَيْكَ مُسْتَجِيرًا بِعَفْوِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ عِقَابِهِ، ثُمَّ تَسْتَأْنِفَ لَهُ ذُلًّا وَتَوَاضُعًا بِرُكُوعِكَ، وَتَجْتَهِدَ فِي تَرْقِيقِ قَلْبِكَ وَتُجِيدَ خُشُوعَكَ وَتَسْتَشْعِرَ ذَلِكَ وَعِزَّ مَوْلَاكَ وَاتِّضَاعَكَ وَعُلُوَّ رَبِّكَ، وَتَسْتَعِينَ عَلَى تَقْرِيرِ ذَلِكَ فِي قَلْبِكَ بِلِسَانِكَ فَتُسَبِّحَ رَبَّكَ وَتَشْهَدَ لَهُ بِالْعَظَمَةِ وَأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ عَظِيمٍ، وَتُكَرِّرَ ذَلِكَ عَلَى قَلْبِكَ لِتُؤَكِّدَهُ بِالتَّكْرَارِ. ثُمَّ تَرْتَفِعَ مِنْ رُكُوعِكَ مُؤَكِّدًا لِلرَّجَاءِ فِي نَفْسِكَ بِقَوْلِكَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» أَيْ أَجَابَ لِمَنْ شَكَرَهُ، ثُمَّ تُرْدِفَ ذَلِكَ بِالشُّكْرِ الْمُتَقَاضِي لِلْمَزِيدِ فَتَقُولَ: «رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ» وَتُكْثِرَ الْحَمْدَ بِقَوْلِكَ: «مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ» ، ثُمَّ تَهْوِي إِلَى السُّجُودِ وَهُوَ أَعْلَى دَرَجَاتِ الِاسْتِكَانَةِ فَتُمَكِنَّ أَعَزَّ أَعْضَائِكَ وَهُوَ الْوَجْهُ مِنْ أَذَلِّ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ التُّرَابُ، وَإِنْ أَمْكَنَكَ أَنْ لَا تَجْعَلَ بَيْنَهُمَا حَائِلًا فَتَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ فَافْعَلْ، فَإِنَّهُ أَجْلِبُ لِلْخُشُوعِ وَأَدَلُّ عَلَى الذُّلِّ، وَإِذَا وَضَعْتَ نَفْسَكَ مَوْضِعَ الذُّلِّ فَاعْلَمْ أَنَّكَ وَضَعْتَهَا مَوْضِعَهَا وَرَدَدْتَ الْفَرْعَ إِلَى أَصْلِهِ، وَأَنَّكَ مِنَ التُّرَابِ خُلِقْتَ وَإِلَيْهِ تَعُودُ، فَعِنْدَ هَذَا جَدِّدْ عَلَى قَلْبِكَ عَظَمَةَ اللَّهِ وَقُلْ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» وَأَكِّدْهُ بِالتَّكْرَارِ فَإِنَّ الْكَرَّةَ الْوَاحِدَةَ ضَعِيفَةُ الْآثَارِ، فَإِذَا رَقَّ وَظَهَرَ ذَلِكَ فَلْتُصْدِقْ رَجَاءَكَ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ فَإِنَّ رَحْمَتَهُ تُسَارِعُ إِلَى الضَّعْفِ وَالذُّلِّ لَا إِلَى التَّكَبُّرِ وَالْبَطَرِ، فَارْفَعْ رَأْسَكَ مُكَبِّرًا وَسَائِلًا حَاجَتَكَ وَقَائِلًا: «رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ» ثُمَّ أَكِّدِ التَّوَاضُعَ بِالتَّكْرَارِ فَعُدْ إِلَى السُّجُودِ ثَانِيًا كَذَلِكَ.

وَأَمَّا التَّشَهُّدُ: فَإِذَا جَلَسْتَ لَهُ فَاجْلِسْ مُتَأَدِّبًا وَصَرِّحْ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا تُدْلِي بِهِ مِنَ الصَّلَوَاتِ وَالطَّيِّبَاتِ أَيْ مِنَ الْأَخْلَاقِ الطَّاهِرَةِ لِلَّهِ، وَكَذَلِكَ الْمُلْكُ لِلَّهِ وَهُوَ مَعْنَى التَّحِيَّاتِ، وَأَحْضِرْ فِي قَلْبِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُلْ: «سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ» ، وَلْيَصْدُقْ أَمَلُكَ فِي أَنَّهُ يَبْلُغُهُ وَيَرُدُّ عَلَيْكَ مَا هُوَ أَوْفَى مِنْهُ، ثُمَّ تُسَلِّمُ عَلَى نَفْسِكَ وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، ثُمَّ تَأْمُلُ أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْكَ سَلَامًا وَافِيًا بِعَدَدِ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، ثُمَّ تَشْهَدُ لَهُ تَعَالَى بِالْوَحْدَانِيَّةِ «وَلِمُحَمَّدٍ»

اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 40
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست