responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 305
كِتَابُ الْمُحَاسَبَةِ وَالْمُرَاقَبَةِ

بَيَانُ لُزُومِ الْمُحَاسَبَةِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) [الْأَنْبِيَاءِ: 47] وَقَالَ تَعَالَى: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) [الْكَهْفِ: 49] وَقَالَ تَعَالَى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [الْمُجَادَلَةِ: 6] وَقَالَ تَعَالَى: (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزَّلْزَلَةِ: 6 - 8] وَقَالَ تَعَالَى: (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [الْبَقَرَةِ: 281 وَآلِ عِمْرَانَ: 161] وَقَالَ تَعَالَى: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) [آلِ عِمْرَانَ: 30] وَقَالَ تَعَالَى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ) [الْبَقَرَةِ: 235] .
اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ أَرْبَابُ الْبَصَائِرِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ، وَأَنَّهُمْ سَيُنَاقَشُونَ فِي الْحِسَابِ، وَيُطَالَبُونَ بِمَثَاقِيلِ الذَّرِّ مِنَ الْخَطَرَاتِ وَاللَّحَظَاتِ، فَتَحَقَّقُوا أَنَّهُمْ لَا يُنْجِيهِمْ مِنْ هَذِهِ الْأَخْطَارِ إِلَّا لُزُومُ الْمُحَاسَبَةِ وَصِدْقُ الْمُرَاقَبَةِ وَمُطَالَبَةُ النَّفْسِ فِي الْأَنْفَاسِ وَالْحَرَكَاتِ، وَمُحَاسَبَتُهَا فِي الْخَطِرَاتِ وَاللَّحَظَاتِ. فَمَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ خَفَّ فِي الْقِيَامَةِ حِسَابُهُ، وَحَضَرَ عِنْدَ السُّؤَالِ جَوَابُهُ، وَحَسُنَ مُنْقَلَبُهُ وَمَآبُهُ، وَمَنْ لَمْ يُحَاسِبْ نَفْسَهُ دَامَتْ حَسَرَاتُهُ، وَطَالَتْ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ وَقَفَاتُهُ، وَقَادَتْهُ إِلَى الْخِزْيِ وَالْمَقْتِ سَيِّئَاتُهُ. فَحَتْمٌ عَلَى كُلِّ ذِي حَزْمٍ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ لَا يَغْفُلَ عَنْ مُحَاسَبَةِ نَفْسِهِ وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهَا فِي حَرَكَاتِهَا وَسَكَنَاتِهَا، وَخَطَرَاتِهَا وَخُطُوَاتِهَا، فَإِنَّ كُلَّ نَفَسٍ مِنْ أَنْفَاسِ الْعُمُرِ جَوْهَرَةٌ نَفِيسَةٌ لَا عِوَضَ لَهَا، يُمْكِنُ أَنْ يُشْتَرَى بِهَا كَنْزٌ مِنَ الْكُنُوزِ لَا يَتَنَاهَى نَعِيمُهُ أَبَدَ الْآبَادِ. فَانْقِضَاءُ هَذِهِ الْأَنْفَاسِ ضَائِعَةً أَوْ مَصْرُوفَةً إِلَى مَا يَجْلِبُ الْهَلَاكَ خُسْرَانٌ عَظِيمٌ هَائِلٌ لَا تَسْمَحُ بِهِ نَفْسُ عَاقِلٍ.

بَيَانُ مُشَارَطَةِ النَّفْسِ
إِذَا أَصْبَحَ الْعَبْدُ وَفَرَغَ مِنْ فَرِيضَةِ الصُّبْحِ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّغَ قَلْبَهُ لِمُشَارَطَةِ النَّفْسِ فَيَقُولَ لَهَا:

اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 305
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست