responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 295
وَأَمَّا أَدَبُ ظَاهِرِهِ: فَأَنْ يُظْهِرَ التَّعَفُّفَ وَالتَّجَمُّلَ وَلَا يُظْهِرَ الشَّكْوَى وَالْفَقْرَ بَلْ يَسْتُرَ فَقْرَهُ، فَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يُحِبُّ الْفَقِيرَ الْمُتَعَفِّفَ أَبَا الْعِيَالِ» وَقَالَ - تَعَالَى -: (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) [الْبَقَرَةِ: 273] .
وَأَمَّا فِي أَعْمَالِهِ: فَأَدَبُهُ أَنْ لَا يَتَوَاضَعَ لِغَنِيٍّ لِأَجْلِ غِنَاهُ، قَالَ علي -كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ -: «مَا أَحْسَنَ تَوَاضُعَ الْغَنِيِّ لِلْفَقِيرِ رَغْبَةً فِي ثَوَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَأَحْسَنُ مِنْهُ تِيهُ الْفَقِيرِ عَلَى الْغَنِيِّ ثِقَةً بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» فَهَذِهِ رُتْبَةٌ، وَأَقَلُّ مِنْهَا أَنْ لَا يُخَالِطَ الْأَغْنِيَاءَ وَلَا يَرْغَبَ فِي مُجَالَسَتِهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَبَادِئِ الطَّمَعِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْكُتَ عَنْ ذِكْرِ الْحَقِّ مُدَاهَنَةً لِلْأَغْنِيَاءِ وَطَمَعًا فِي الْعَطَاءِ.
وَأَمَّا أَدَبُهُ فِي أَفْعَالِهِ: فَأَنْ لَا يَفْتُرَ بِسَبَبِ الْفَقْرِ عَنْ عِبَادَةٍ، وَلَا يَمْنَعَ بَذْلَ قَلِيلِ مَا يَفْضُلُ عَنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ جُهْدُ الْمُقِلِّ، وَفَضْلُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ تُبْذَلُ عَنْ ظَهْرِ غِنًى.

آدَابُ الْفَقِيرِ فِي قَبُولِ الْعَطَاءِ إِذَا جَاءَهُ بِغَيْرِ سُؤَالٍ
يَنْبَغِي أَنْ يُلَاحِظَ الْفَقِيرُ فِيمَا جَاءَهُ ثَلَاثَةَ أُمُورٍ: نَفْسُ الْمَالِ، وَغَرَضُ الْمُعْطِي، وَغَرَضُهُ فِي الْأَخْذِ.
أَمَّا نَفْسُ الْمَالِ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَلَالًا خَالِيًا عَنِ الشُّبَهَاتِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ شُبْهَةٌ فَلْيَحْتَرِزْ مِنْ أَخْذِهِ.
وَأَمَّا غَرَضُ الْمُعْطِي: فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ غَرَضُهُ تَطْيِيبَ قَلْبِهِ وَطَلَبَ مَحَبَّتِهِ وَهُوَ الْهَدِيَّةُ، أَوِ الثَّوَابُ وَهُوَ الصَّدَقَةُ وَالزَّكَاةُ، أَوِ الذِّكْرُ وَالرِّيَاءُ وَالسُّمْعَةُ.
أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ الْهَدِيَّةُ: فَلَا بَأْسَ بِقَبُولِهَا فَإِنَّ قَبُولَهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا مِنَّةٌ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا مِنَّةٌ فَالْأَوْلَى تَرْكُهَا، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ بَعْضَهَا مِمَّا تَعْظُمُ بِهِ الْمِنَّةُ فَلْيَرُدَّ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لِلثَّوَابِ الْمُجَرَّدِ وَذَلِكَ صَدَقَةٌ أَوْ زَكَاةٌ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ فِي صِفَاتِ نَفْسِهِ: هَلْ هُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلزَّكَاةِ؟ فَإِنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحَلُّ شُبْهَةٍ. وَإِنْ كَانَتْ صَدَقَةً وَكَانَ يُعْطِيهِ لِدِينِهِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى بَاطِنِهِ: فَإِنْ كَانَ مُقَارِفًا لِمَعْصِيَةٍ فِي السِّرِّ لَوْ عَلِمَهَا الْمُعْطِي لَنَفَرَ طَبْعُهُ وَلَمَا تَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ بِالتَّصَدُّقِ عَلَيْهِ، فَهَذَا حَرَامٌ أَخْذُهُ، كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ لِظَنِّهِ أَنَّهُ عَالِمٌ أَوْ عَلَوِيٌّ وَلَمْ يَكُنْ، فَإِنَّ أَخْذَهُ حَرَامٌ مَحْضٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ غَرَضُهُ السُّمْعَةَ وَالرِّيَاءَ وَالشُّهْرَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ قَصْدَهُ الْفَاسِدَ وَلَا يَقْبَلَهُ إِذْ يَكُونُ مُعِينًا عَلَى غَرَضِهِ الْفَاسِدِ.
وَأَمَّا غَرَضُهُ فِي الْأَخْذِ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ أَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ أَوْ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ وَقَدْ سَلِمَ مِنَ الشُّبْهَةِ وَالْآفَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْمُعْطِي فَالْأَفْضَلُ لَهُ الْأَخْذُ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَتَاهُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْمَالِ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا اسْتِشْرَافٍ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ

اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 295
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست