responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 222
«لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ ذَهَبٍ لَابْتَغَى لَهُمَا ثَالِثًا» وَعِلَاجُ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِأُمُورٍ:
الْأَوَّلُ: الِاقْتِصَادُ فِي الْمَعِيشَةِ وَالرِّفْقُ فِي الْإِنْفَاقِ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي الْقَنَاعَةِ، فَإِنَّ مَنْ كَثُرَ خَرْجُهُ وَاتَّسَعَ إِنْفَاقُهُ لَمْ تُمْكِنْهُ الْقَنَاعَةُ، وَفِي الْحَدِيثِ: «مَا عَالَ مَنِ اقْتَصَدَ» ، وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ: خَشْيَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَالْقَصْدُ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالْعَدْلُ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ» . وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الِاقْتِصَادُ وَحُسْنُ السَّمْتِ وَالْهَدْيُ الصَّالِحُ جُزْءٌ مِنْ بِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» .
الثَّانِي: أَنْ يَتَحَقَّقَ بِأَنَّ الرِّزْقَ الَّذِي قُدِّرَ لَهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَأْتِيَهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ حِرْصُهُ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَعْرِفَ مَا فِي الْقَنَاعَةِ مِنْ عِزِّ الِاسْتِغْنَاءِ، وَمَا فِي الْحِرْصِ وَالطَّمَعِ مِنَ الذُّلِّ وَالْمُدَاهَنَةِ.
الرَّابِعُ: أَنْ يَكْثُرَ تَأَمُّلُهُ فِي تَنَعُّمِ الْكَفَرَةِ وَالْحَمْقَى، ثُمَّ يَنْظُرَ إِلَى أَحْوَالِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ، وَيَسْتَمِعَ أَحَادِيثَهُمْ، وَيُطَالِعَ أَحْوَالَهُمْ، وَيُخَيِّرَ عَقْلَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُشَابَهَةِ الْفُجَّارِ أَوِ الْأَبْرَارِ، فَيَهُونُ عَلَيْهِ الصَّبْرُ عَلَى الْقَلِيلِ، وَالْقَنَاعَةُ بِالْيَسِيرِ.
الْخَامِسُ: أَنْ يَفْهَمَ مَا فِي جَمْعِ الْمَالِ مِنَ الْخَطَرِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي آفَاتِ الْمَالِ، وَيَتِمُّ ذَلِكَ بِأَنْ يَنْظُرَ أَبَدًا إِلَى مَنْ دُونَهُ فِي الدُّنْيَا، لَا إِلَى مَنْ فَوْقَهُ. فَبِهَذِهِ الْأُمُورِ يَقْدِرُ عَلَى اكْتِسَابِ خُلُقِ الْقَنَاعَةِ، وَعِمَادُ الْأَمْرِ الصَّبْرُ.

بَيَانُ فَضِيلَةِ السَّخَاءِ
اعْلَمْ أَنَّ الْمَالَ إِنْ كَانَ مَفْقُودًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَالُ الْعَبْدِ الْقَنَاعَةَ وَقِلَّةَ الْحِرْصِ، وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَالُهُ الْإِيثَارَ، وَالسَّخَاءَ، وَاصْطِنَاعَ الْمَعْرُوفِ، وَالتَّبَاعُدَ عَنِ الشُّحِّ وَالْبُخْلِ، فَإِنَّ السَّخَاءَ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - وَهُوَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ النَّجَاةِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا: «خُلُقَانِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: حُسْنُ الْخُلُقِ وَالسَّخَاءُ، وَخُلُقَانِ يَبْغَضُهُمَا: سُوءُ الْخُلُقِ وَالْبُخْلُ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ» .
وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ: بَذْلُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ، وَحُسْنُ الْكَلَامِ» .
وَقَالَ «أنس» : «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُسْأَلْ شَيْئًا عَلَى الْإِسْلَامِ إِلَّا أَعْطَاهُ، وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ، فَأَمَرَ لَهُ

اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 222
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست